هل تفقد السعودية نفوذها في اليمن بعد عشر سنوات من الحرب عليه؟

تقرير _ المساء برس|

بعد عشر سنوات من قيادة السعودية لتحالف عسكري واسع عام 2015 ضد اليمن، في محاولة لإعادة تشكيل المشهد السياسي اليمني لصالحها، بعد أن كاد السلام في اليمن أن يتحقق، بحسب ماقاله المبعوث الأممي الأسبق جمال بن عمر، في تصريحات متلفزة أكد فيها بأن اليمنيين كانوا على وشك التوصل إلى اتفاق شامل قبل التدخل العسكري السعودي، واليوم أصبح نفوذ الرياض شمالاً وجنوباً محدوداً أكثر من أي وقت مضى، في ظل صعود قوى محلية جديدة، وصراع تنافسي يزداد حدة بينها وبين شريكتها في التحالف، الإمارات.

شمال اليمن: نفوذ سعودي شبه معدوم

منذ عام 2015، تغيّرت المعادلة جذرياً في المحافظات الشمالية، فقد أحكمت حكومة صنعاء سيطرتها على معظم مناطق الشمال، معززة قوتها العسكرية ومكانتها الشعبية، ما أفقد الرياض القدرة على التأثير في مسار الأحداث.

اليوم، لا تمتلك السعودية أي حضور فعلي في شمال اليمن، بعد تراجع دور القوى المحلية المتحالفة معها، وتماسك سلطة صنعاء التي باتت تمثل لاعباً إقليمياً لا يمكن تجاوزه، ولم يعد لديها سوى قوات حزب الإصلاح في مدينتي مأرب وتعز، لكنها تعاني من ضعف ولا تبدو قادرة على خوض معارك واسعة.

الجنوب: حضور إماراتي وتراجع سعودي

في المحافظات الجنوبية، يتخذ المشهد منحى أكثر تعقيداً، فخلال الأيام الماضية، بسط المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً سيطرته على مناطق واسعة في المهرة وحضرموت، عقب انسحاب قوات المنطقة العسكرية الأولى المحسوبة على حزب الإصلاح، الحليف التقليدي للسعودية.

ورغم الضغوط السعودية لسحب قوات الانتقالي من حضرموت واستبدالها بقوات “درع الوطن” الموالية للرياض، فإن قيادة الانتقالي ترفض ذلك، مستندة إلى دعم إماراتي واسع وقدرة ميدانية كبيرة.

مراقبون أكدوا أن أبوظبي دفعت قواتها نحو وادي حضرموت المحاذي للحدود السعودية بهدف فرض أمر واقع جديد، مستغلة إدراكها بأن الرياض لا ترغب في فتح صدام مباشر مع الانتقالي، خاصة وأنها لم توقع اتفاق سلام نهائي مع صنعاء.

تآكل الأدوات السعودية في الجنوب

تعتمد السعودية اليوم على قوة أساسية في المحافظات الجنوبية هي قوات درع الوطن، وهي تشكيلات أنشأتها الرياض قبل عامين، لكنها لا تمتلك القدرة الكاملة لمواجهة قوات الانتقالي.

وفي محاولة لتعويض هذا التراجع، لجأت الرياض إلى الضغط السياسي عبر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، الذي وصف تحركات الانتقالي الأخيرة بـ”الانقلاب” خلال لقائه سفراء غربيين، في سعي للحصول على ضغط دولي على المجلس الانتقالي وإجباره على التراجع عن خطواته الأخيرة، كما أعلنت أحزاب تقليدية وبرلمان مشتت دعمها لموقف العليمي، رغم أن حضورها الفعلي داخل اليمن يكاد يكون منعدماً.

الرياض أمام واقع صعب

تُجمع تحليلات سياسية على أن النفوذ السعودي في اليمن يمر بمرحلة حرجة، إذ بات نفوذها في الجنوب مهدداً، بينما فقدت بالكامل تأثيرها في الشمال.

ويرى محللون أن الرياض تسعى اليوم إلى تثبيت سيطرتها فقط في المحافظات الشرقية المتاخمة لحدودها، لكن هذا الهدف ذاته يبدو معرضاً للفشل في ظل صعود الانتقالي، وتوسع النفوذ الإماراتي، وتغيّر موازين القوى على الأرض.

ويؤكد مراقبون أن ما وصلت إليه السعودية يأتي نتيجة تراكمات من السياسات الخاطئة والعدوانية على اليمن خلال السنوات الماضية، ما جعلها تفقد الجزء الأكبر من نفوذها في هذا البلد.

كما أكدوا بأن هذا الأمر لاينسحب على السعودية فقط، بل إن الإمارات هي الأخرى ستفقد نفوذها في جنوب اليمن في قادم الأيام، خصوصاً وأنها تنتهج سياسة عدوانية تجاه اليمن، مشيرين إلى أن هذا النهج سيقودها بكل تأكيد إلى خسارة نفوذها لصالح قوى وطنية جديدة.

قد يعجبك ايضا