الجارديان البريطانية: تمدّد الانتقالي يعيد خريطة الجنوب إلى الواجهة

عدن – المساء برس|

سلطت صحيفة “الجارديان” البريطانية الضوء على تحوّل لافت تشهده المحافظات الجنوبية في اليمن، مع إحكام القيادات العسكرية الموالية للإمارات قبضتها على كامل محافظات الجنوب، وسط تقديرات بأن هذا التطور قد يمهّد لعودة اليمن إلى واقع الدولتين، كما كان قبل نهاية ستينيات القرن الماضي.

وبحسب الصحيفة، فقد دفعت أبوظبي بنحو عشرة آلاف مقاتل من قوات المجلس الانتقالي إلى محافظة حضرموت الغنية بالنفط، قبل أن يتقدموا شرقًا باتجاه المهرة المحاذية لسلطنة عمان، وهي منطقة لم تكن خاضعة لسيطرتهم في السابق. هذا التوسع مكّن الانتقالي من بسط نفوذه على المحافظات الجنوبية الثماني التي شكّلت قديماً دولة الجنوب، في خطوة غير مسبوقة، أشارت الصحيفة إلى أن عُمان حاولت بدايةً إظهار امتعاضها عبر طلب إنزال علم الجنوب على حدودها، لكنها تراجعت لاحقًا تحت ضغط الوقائع الجديدة.

وترى الصحيفة أن الرياض تعرّضت لانتكاسة واضحة بعد سحب قواتها من قصر المعاشيق ومطار عدن، وهو ما يعكس حجم التراجع الذي أصاب حلفاء المملكة في الحكومة الموالية للتحالف. وفي المقابل، يواصل المجلس الانتقالي تعزيز وجوده السياسي والعسكري، وسط إشارة “الجارديان” إلى أن خيار إعلان دولة الجنوب من طرف واحد – رغم واقعيته الظاهرية – يبقى محفوفًا بمخاطر سياسية شبيهة بما حدث في الصحراء الغربية حين خسر الإقليم دعمًا دوليًا كان يعوّل عليه.

وتنقل الصحيفة عن مراقبين توقعهم بأن يتجه الانتقالي نحو الدفع باستفتاء حول تقرير المصير خلال المدى المتوسط، في حين يبقى مستقبل الجنوب مرهونًا بالخيارات التي تتخذها أبوظبي، الداعم المركزي له.

ولفتت إلى أن عيدروس الزبيدي، رغم عضويته في مجلس القيادة، ظل يحافظ على القوة العسكرية الأكبر، فيما يتنقل رشاد العليمي بين العواصم ويلتقي دبلوماسيين غربيين، مطالبًا الانتقالي بالعودة إلى الثكنات ورافضًا أي خطوات أحادية تمسّ “الشرعية”.

وتشير الصحيفة إلى أن قوات الزبيدي، وبعد حصولها على ضوء أخضر من الإمارات، فرضت سيطرتها على شركة بترومسيلة، أكبر شركة نفطية في اليمن، ما منح المجلس ورقة ضغط مهمة في رسم شكل المرحلة المقبلة.

وأضافت أن دولاً غربية – ومعها الأمم المتحدة – ما تزال تفضّل خيار البقاء ضمن المسار السعودي الذي يدعو إلى حكومة اتحادية تشمل الحوثيين وقوى الجنوب، غير أن تلك الدول فتحت قنوات تواصل واسعة مع الزبيدي لمحاولة فهم مساره السياسي وعلاقاته المتنامية مع موسكو، دون صدور مواقف علنية حتى الآن.

وأشارت الصحيفة إلى أن تعز ومأرب تمثلان آخر منطقتين خارج سيطرة قوات صنعاء، مشيرة إلى احتمال أن يطرح الانتقالي نفسه كقوة “حماية” لهما لمنع تقدّم صنعاء، في إطار محاولته تعزيز حضوره الجغرافي والسياسي.

وفي ختام التقرير، تكشف الجارديان أنّ التحرك الإماراتي جاء بعد توتر مع الرياض على خلفية طلب الأخيرة من إدارة ترامب التدخل لإنهاء الحرب في السودان، وهي أزمة تسببت بتصاعد الضغوط الدولية على أبوظبي بسبب الاتهامات الموجهة لها بشأن دعم قوات الدعم السريع. وتضيف الصحيفة أنّ الوفد السعودي في حضرموت يواجه ضغوطًا داخلية كبيرة “لإنقاذ ما يمكن إنقاذه” في ظل تسارع الأحداث واتساع نفوذ الانتقالي بدعم إماراتي واضح.

قد يعجبك ايضا