تصاعد الموقف داخل لاهاي: المحكمة الجنائية الدولية تتحدى ضغوط ترامب بشأن جرائم غزة
لاهاي – المساء برس|
منذ قرابة عام، يخوض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة ضاغطة على المحكمة الجنائية الدولية بهدف تعطيل مسارها المتعلق بالحرب على غزّة، وفق ما أورده موقع “HuffPost”. ومع ذلك، يكشف الأسبوع الجاري أن ترامب لا يزال بعيداً عن تحقيق ما يريد.
فقد عقد أعضاء المحكمة اجتماعهم السنوي الأول منذ بدء واشنطن فرض إجراءاتها التعسفية بحق موظفي المحكمة وشركائها، حيث أكدت الدول المشاركة أنها لن ترضخ لسياسات الضغط الأميركية، وأن المحكمة قادرة على استكمال عملها، بما يشمل ملاحقة مسؤولين في كيان الاحتلال لدورهم في الحرب.
مديرة العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش، ليز إيفنسون، قالت إن المزاج العام داخل الاجتماع كان إيجابياً، مع توجه واضح من عدة دول للعمل معاً لحماية المحكمة. كما شددت رئيسة المحكمة، القاضية اليابانية توموكو أكانه، على أن الهيئة القضائية «لا تقبل أي نوع من الضغوط».
ويشير الموقع إلى أن العام الماضي مثّل للمحكمة مفارقة صعبة: فهي تُستهدف لأنها تلاحق الجرائم المرتكبة في غزة، وهو ما يعكس أهمية دورها.
وترجّح تقارير أن ترامب يسعى إلى ضرب المحكمة كمنظومة كاملة عبر عقوبات متصاعدة. لكن مع اقتراب انعقاد القمة الأخيرة، بدا أن الزخم يتجه نحو دعم المحكمة لا خنقها. فالحكومات الأعضاء تعتبر المحكمة ضرورة أساسية في عالم تتزايد فيه جرائم الحرب، وقد لا تجد مكاناً آخر للمحاسبة.
داخل لاهاي، ساد شعور بالتماسك «لم يُشهد منذ 15 عاماً»، وفق ممثلي منظمات حقوقية دولية، الذين أكدوا أن الخطر الذي يهدد نظام روما الأساسي جعل الخلافات بين الدول أقل أهمية.
ورغم الترحيب الواسع بالتضامن الدولي، يحذّر المدافعون عن المحكمة من أن مواجهة الضغوط الأميركية تتطلب إجراءات عملية تحمي عمل المحكمة والعاملين في توثيق الانتهاكات. فالعقوبات الأميركية خلقت مناخاً من الترهيب امتد إلى منظمات تتعاون مع المحكمة، ما دفع بعض العاملين إلى تعليق مهامهم في ملفات تتعلق بجرائم الحرب.
ويُذكّر التقرير بتناقض واشنطن وحلفائها؛ فالمحكمة رحّبت بها دول غربية حين أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما تُواجه عراقيل حين يتعلق الأمر بمسؤولين في كيان الاحتلال. ولهذا شددت إيفنسون على ضرورة إنهاء «المعايير المزدوجة»، مؤكدة أنه يجب التعامل مع عدم التعاون سواء كان يتعلق ببوتين أم بنتنياهو بالطريقة نفسها.
ويشير الموقع إلى أن الضغوط على المحكمة تأتي في وقت تتزايد فيه الأدلة على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة، بما يشمل تورط واشنطن في دعم كيان الاحتلال. بل إن ترامب نفسه حاول تحويل ملف غزة إلى اختبار لمصداقية الولايات المتحدة عبر الدفع بمشروع لإقامة نظام انتقالي تحت الهيمنة الأميركية داخل القطاع، وتأسيس مركز عسكري للإشراف على التطورات الميدانية دون أي حضور فلسطيني، وسط تعليقات تفيد بأن الفريق الأميركي «لا يعرف شيئاً عن غزة ولا عن إدارة الأزمات الإنسانية».
وبين ضغوط واشنطن وتمسك المحكمة بولايتها، تبدو المواجهة متجهة نحو مزيد من التوتر، في وقت يسعى المدافعون عن العدالة الدولية لصون آخر ما تبقّى من آليات المحاسبة على جرائم الحرب في العالم.