في ذكرى الجلاء.. الجنوب يشتعل بصراعات تحت رعاية المحتل

تقرير- المساء برس.. هاشم الدرة|

تشهد المحافظات اليمنية الواقعة تحت سلطات التحالف السعودي الإماراتي جحيما مستعرا من الصراع على النفوذ، ويعتمد التحالف في هذا الصراع على أدوات محلية وزعامات قبلية وفصائل مسلحة تخوض غمار معارك وصراعات متواصلة في مختلف المحافظات الجنوبية.

هذا المشهد المتشابك يعكس حالة من التنازع الداخلي الذي يتغذى على تدخلات خارجية، ويعيد إنتاج نفوذ الأجنبي بوسائل جديدة، غير أن الصراع المستعر في هذه الفترة تركز بشكل لافت في محافظة حضرموت التي تحولت إلى قلب الأحداث ومركز الثقل في الجنوب.

حضرموت، المحافظة الأكبر والأغنى بالثروات النفطية، تشهد اليوم تصعيدا غير مسبوق بعد إعلان حلف قبائلها الموالي للسعودية السيطرة على حقول النفط في المسيلة، ما فجر أزمة سياسية وعسكرية وأعاد ملف الثروات إلى واجهة الصراع.

كما أن تعيين المحافظ الجديد سالم الخنبشي جاء كمحاولة لاحتواء التوتر، لكنه لم يوقف حالة الاستقطاب بين القوى المتصارعة، فيما شددت الاجتماعات القبلية والعسكرية على رفض أي تحشيد مسلح من خارج المحافظة، وتعني بذلك قوات الانتقالي التابعة للإمارات و القادمة من خارج المحافظة.

الصراع في حضرموت لا ينفصل عن المشهد الأوسع في الجنوب، ففي أبين، تتواصل الاشتباكات المتقطعة بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية للحكومة الموالية للسعودية، خصوصا في مناطق شقرة ولودر، حيث الطرق والمنافذ تتحول إلى خطوط تماس، ويزيد الصراع القبلي من هشاشة الوضع ويجعل المحافظة عرضة لتجدد المواجهات.

شبوة بدورها تعيش تنافسا محتدما على موارد النفط والغاز، إذ تتقاطع مصالح القوات المدعومة إماراتيا مع القوات الحكومية في صراع على المنشآت الحيوية، ما يجعلها ساحة نزاع طويل الأمد.

أما عدن فهي تعكس هشاشة الوضع العام في الجنوب، إذ تعاني من انفلات أمني وأزمات خدمية متكررة، ورغم محاولات الأمم المتحدة لفتح مسارات حوار سياسي، فإن المدينة تبقى تحت ضغط الفصائل المسلحة وتناقضات القرار السياسي.

هذا الصراع يأتي في وقت يحتفل فيه اليمن بالعيد الثامن والخمسين لجلاء المحتل البريطاني في 30 نوفمبر، وهي مفارقة عجيبة تكشف التناقض بين الماضي والحاضر.

ففي الوقت الذي يستعيد فيه اليمنيون ذكرى خروج آخر جندي بريطاني من عدن عام 1967، يعود الجنوب ليشهد صراعا داخليا جوهره إعادة إنتاج نفوذ الأجنبي عبر أدوات محلية.

فالتحرر من الاستعمار المباشر يقابله اليوم ارتهان جديد للنفوذ الخارجي عبر التحالفات العسكرية والاقتصادية، حيث النفط والغاز والموانئ هي ساحات المعركة، والقوى المحلية تخوض مواجهة بالوكالة عن الخارج.

هكذا يظهر الجنوب اليمني في صورة متشابكة، حضرموت في قلب الصراع على الموارد، أبين في مواجهة عسكرية وقبلية، شبوة في نزاع اقتصادي وسياسي، وعدن في أزمة أمنية وسياسية.

وبينما يحتفل اليمنيون بذكرى الجلاء كرمز للتحرر، تكشف الأحداث أن الجنوب يواجه شكلا جديدا من الوصاية، يفرض نفسه عبر الداخل لا عبر الاحتلال المباشر، لتتحول ذكرى الجلاء من مناسبة وطنية إلى مرآة تكشف واقع الارتهان الجديد.

قد يعجبك ايضا