اعتراف هاليفي وتقرير ترجمان يفضحان انهيار منظومة الأمن الإسرائيلية
متابعات – المساء برس.. هاشم الدرة|
على الرغم من محاولاته الظهور بمظهر الكيان المتماسك غير أن الواقع يأبى إلا أن يكشف كم هو أهون من بيت العنكبوت، هذا الأمر أصبح الشغل الشاغل للكيان الصهيوني، بعد انتهاء الحرب، بعد أن تم تأجيله لأكثر من مرة، غير أنه عاد اليوم إلى الواجهة ليعري نتنياهو وقادته وما يعرف بالعمل المؤسسي السياسي والعسكري في كيان الاحتلال، الحديث عن طوفان الأقصى وكيف فشل الكيان الصهيوني في رصده ومنعه.
مشهد استحضر الاعتراف الصادم من قمة المؤسسة العسكرية حيث روى رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي في تسجيلات قديمة كيف فشلت أجهزة الأمن والاستخبارات في تفسير مؤشرات مهمة على هجوم السابع من أكتوبر، وأكد أنه يتحمل مسؤولية ما جرى في ذلك اليوم.. وقال حينها: إن حماس اعتمدت على الخداع بالواجهة المدنية بالسماح للفلسطينيين للتنقل للعمل في المغتصبات، ومنع حركة الجهاد من تنفيذ عمليات على الحدود، الأمر الذي جعل الكيان وأجهزته تحت التخدير التام.
هذا الاعتراف فضلا عن كونه اعتراف شخصي، إلا أنه كان مدخلا لتأكيد ما وثقه تقرير لجنة الخبراء التي تحدثت عن خلل في الرؤية والتقدير، وفجوة بين الواقع العملياتي والتصور الاستراتيجي، وعجز عن إطلاق الإنذار رغم وجود معلومات وصفت بالاستثنائية.
هذه الاستنتاجات تمت ترجمتها إلى إجراءات عملية سريعة وحاسمة، فقد أعلن رئيس الأركان الحالي إيال زامير إنهاء مهام أهارون حليفا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ويارون فنكلمن قائد المنطقة الجنوبية، وأودي باسيوق رئيس شعبة العمليات
كما فرضت عقوبات على قادة سلاحي الجو والبحرية تومر بار ودافيد سار، إلى جانب أربعة جنرالات وأربعة ضباط كبار آخرين
هذه الإجراءات وإن أكدت تحميل أشخاص للمسؤولية لكنها في الوقت نفسه تبرز أن الخلل يتعدى أسماء محددة إلى آليات صنع القرار نفسها.
كما أن تقرير سامي ترجمان، رئيس لجنة التحقيق العسكرية الاسرائيلية وصف الفشل بأنه منهجي ومنظومي، ليس خطأ ساعة أو يوم، بل خلل في نموذج التقدير والاستنتاج داخل ما يعرف بالمؤسسة.
كما أشارت اللجنة إلى أن الفجوة بين التصور الداخلي والواقع على الأرض أدت إلى قراءة سطحية للمؤشرات، ما عطّل حس الانذار وأضعف سرعة الاستجابة في الساعات الحرجة، أما على مستوى العمليات فلوحظت مشاكل في نشر القوات وإدارة سلاسل القرار، وعلى مستوى التنظيم كانت هناك ثغرات في آليات التحقيق والمساءلة.
هذا التداعي السياسي القيادي أضاف اليوم بعدا آخر للأزمة حيث قرر وزير الحرب يسرائيل كاتس تجميد التعيينات العليا لمدة ثلاثين يوما وكلف بمراجعات إضافية لتقرير ترجمان، فيما اعتبر إيال زامير أن هذا التجميد يخلق فراغ قيادي ويضر بقدرة الجيش على العمل في مواقع حساسة مثل الملحقية العسكرية في واشنطن وقيادات سلاحي الجو والبحرية.
الدلالة الأساسية التي يفرضها المشهد هنا هي أن ما جرى ليس مجرد إخفاق تكتيكي بل كشف عن هشاشة مؤسسية، ونموذج تقدير خاطئ، وآليات انذار غير فعالة، وسلاسل قرار معرضة للارتباك تحت الضغط.
لم تكن الاعترافات والإقالات مجرد نتائج لخطأ استخباراتي عابر، بل ثمرة نجاح عملي للمقاومة في هندسة خداع طويل الأمد واستغلال ثغرات المنظومة الهشة، كما أن المقاومة لم تكتف بتحقيق نصر ميداني بل نجحت في تحويل خدعها المنظمة إلى مرايا تكشف عورات العدو، فما ظهر هو جيش عاجز، وأجهزة استخبارات مخدرة، ونموذج قرار متهالك يليق بكيان يدعي الحصانة.