استخدام جديد للذخائر العنقودية يكشف تورّط الاحتلال في انتهاكات خطيرة في جنوب لبنان
تقرير – المساء برس|
كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن أدلة جديدة تظهر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم ذخائر عنقودية محرّمة دولياً خلال العدوان الأخير على جنوب لبنان، في خطوة تنذر بعودة نمط الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في حرب 2006، وما خلّفته حينها من كارثة إنسانية ما تزال آثارها تحصد الأرواح حتى اليوم.
وبحسب الصحيفة، فقد جرى تحليل صور لبقايا ذخائر عثر عليها في ثلاثة مواقع جنوب نهر الليطاني—في وادي زبقين ووادي برغز ووادي دير سريان—من قبل ستة خبراء أسلحة، أكدوا أنها تعود لنوعين جديدين من الذخائر العنقودية الإسرائيلية، هما قذائف M999 Barak Eitan عيار 155 ملم، وصواريخ Ra’am Eitan عيار 227 ملم، وهي ذخائر تظهر لأول مرة في ساحات القتال.
تقول الصحيفة إن هذه هي المؤشرات الأولى على استخدام الاحتلال للذخائر العنقودية منذ حرب 2006، حين أطلق نحو أربعة ملايين قنبلة عنقودية في الأيام الأخيرة من الحرب، قدّر أن مليوناً منها لم ينفجر. وما تزال هذه القنابل تشكّل تهديداً يومياً لسكان الجنوب، وقد قتلت منذ ذلك الحين أكثر من 400 مدني لبناني.
الصور التي تحقّق منها الخبراء أظهرت بقايا ذخيرة M999 Barak Eitan، وهي ذخيرة تنتجها شركة “Elbit Systems” منذ عام 2019، وتطلق كل قذيفة منها تسع قنابل صغيرة تنفجر إلى 1200 شظية من التنغستن، ما يجعل تأثيرها مميتاً في نطاق واسع. وقد أكد هويتها خبراء من منظمات حقوقية وشركات تحليل الأسلحة، بينهم براين كاستنر من منظمة العفو الدولية.
كما تعرّف خمسة خبراء على الذخيرة الثانية بوصفها قنبلة عنقودية يرجَّح أنها صاروخ Ra’am Eitan، الذي تطوره الشركة نفسها، ويحمل 64 قنبلة صغيرة، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنها “تنتشر في مساحة واسعة وتقتل كل من يوجد في المنطقة”.
وأشارت “الغارديان” إلى أن 124 دولة كانت قد انضمت إلى اتفاقية الذخائر العنقودية التي تحظر استخدامها وإنتاجها ونقلها، لكن “إسرائيل” ليست طرفاً فيها، ما يمنحها مساحة إضافية لمواصلة تجاهل القانون الدولي.
مديرة التحالف ضد الذخائر العنقودية، تامار غابيلنيك، قالت إن هذه الأسلحة “تتعارض دائماً مع واجب احترام القانون الإنساني الدولي”، موضحة أن الذخائر العنقودية “لا تميّز بين المدنيين والعسكريين وتظل قاتلة لعقود”.
أما براين كاستنر من منظمة العفو الدولية، فأكد أن استخدام هذه الذخائر “محظور دولياً لأنها بطبيعتها عشوائية”، وأنه “لا توجد أي طريقة لاستخدامها بشكل قانوني أو مسؤول”.
إعادة الاحتلال لاستخدام الذخائر العنقودية—وخاصة طرازات جديدة—يعكس توجهاً تصعيدياً واضحاً، ويتجاوز كونه مجرد خيار عسكري إلى كونه رسالة سياسية تقوم على نشر الرعب وتهشيم البيئة السكانية في الجنوب اللبناني.
كما أنّ اختيار مناطق جنوب الليطاني، وهو نطاق يخضع لقرارات أممية واضحة تمنع وجود جيش الاحتلال فيه، يُظهر أن “إسرائيل” تتصرف خارج أي التزام دولي، وأن استهداف المدنيين لم يعد مجرد “أثر جانبي”، بل جزء من استراتيجيتها.
أما من الناحية الإنسانية، فإن إدخال ذخائر جديدة تعِد بنسبة أقل من عدم الانفجار هو ادعاء لطالما استخدمته شركات السلاح، لكن الواقع يؤكد أن أي نسبة—even 0.01% كما تدّعي وسائل إعلام الاحتلال—ستتحول في أرض الواقع إلى آلاف القنابل التي تبقى تقتل السكان بعد انتهاء الحرب.
وفي المحصلة، تكشف هذه الأدلة—كما تنقلها الغارديان—أن الاحتلال يعيد إنتاج سلوكه الدموي ذاته، مستخدمًا أسلحة محرّمة دولياً، في تحد صارخ للقانون الدولي، وبما يعزز الصورة التي باتت واضحة عن “إسرائيل” كتهديد دائم لاستقرار المنطقة والشعوب التي تعيش فيها.