حرب غزة تحطّم جيش الاحتلال نفسيًا.. آلاف الجنود الإسرائيليين يعانون الصدمة والانتحار يتصاعد

فلسطين المحتلة – المساء برس|

كشفت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، في تقرير لها، عن أزمة نفسية غير مسبوقة تضرب جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد عامين من الحرب المتواصلة على قطاع غزة، ووصفتها بأنها “الأطول والأكثر كلفة في تاريخ إسرائيل الحديث”، ليس فقط بالدماء والخسائر الميدانية، بل أيضًا بتفكك الروح المعنوية لجنوده الذين غرقوا في الاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة والانتحار.

ووفقًا للصحيفة، فقد أقرت وزارة الأمن التابعة للاحتلال بأن نحو 11 ألف جندي أصيبوا باضطرابات نفسية حادة منذ السابع من أكتوبر 2023، أي ما يعادل أكثر من ثلث إجمالي المصابين النفسيين في جميع حروب إسرائيل منذ عام 1948. وتشمل هذه الحالات اضطراب ما بعد الصدمة، القلق، والاكتئاب، وفقدان التوازن السلوكي والاجتماعي، وهي مؤشرات على الانهيار النفسي العميق داخل صفوف الجيش الإسرائيلي.

الصحيفة البريطانية أوضحت أن الانتحار أصبح ظاهرة متفاقمة في جيش الاحتلال؛ إذ ارتفع عدد المنتحرين من الجنود إلى 21 حالة خلال عام واحد، مقارنة بمتوسط سنوي سابق لا يتجاوز 13 جنديًا، وفق بيانات رسمية لجيش الاحتلال. كما كشف تقرير للكنيست أن 279 جنديًا حاولوا الانتحار بين يناير 2024 ويوليو 2025، في مؤشر خطير على اتساع الأزمة.

وقالت ليمور لوريا، نائبة المدير العام ورئيسة إدارة إعادة التأهيل بوزارة الدفاع، إن “هناك الآن فهمًا حقيقيًا بأن الإصابات النفسية لها عواقب عميقة، وأن العلاج ضروري وعملي”، مضيفة أن جرحى الحروب الجدد “يختلفون عن المحاربين القدامى الذين أخفوا معاناتهم في السابق”.

لكن الصحيفة أكدت أن الاعتراف الرسمي لا يعني السيطرة على الأزمة، إذ نقلت عن خبراء قولهم إن النظام الصحي في كيان الاحتلال “غير مجهّز للتعامل مع هذا الحجم من الإصابات النفسية”، وأن ما يجري اليوم يمثل تحديًا وجوديًا لمؤسسة الجيش الإسرائيلي التي لطالما روّجت لنفسها كـ“جيش لا يُقهر”.

ورغم أن جيش الاحتلال استنفر مئات من ضباط الصحة النفسية وأطلق خطوطًا ساخنة وجلسات علاج جماعي في محاولة لاحتواء الانهيار، فإن التقارير تشير إلى تزايد حالات الاكتئاب والانعزال واليأس بين الجنود، بل إن كثيرين منهم، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”، “يفقدون القدرة على التركيز وإقامة العلاقات الاجتماعية ويشعرون بأنهم بلا هدف”.

وفي موازاة فشل حكومة الاحتلال في التعامل مع تداعيات الحرب النفسية، نشأت مبادرات أهلية لمساعدة المحاربين القدامى، منها مزرعة “باك تو لايف” في كيبوتس سدوت يام، التي تحولت إلى ملاذ لعشرات الجنود المصابين بالصدمة. وتقدم المزرعة برامج علاجية تشمل العلاج النفسي والتفاعل مع الحيوانات، في محاولة يائسة لإعادة دمج هؤلاء في الحياة المدنية.

وبحسب مراقبين، فإن هذه الظاهرة ليست سوى نتيجة طبيعية لحرب دموية ظالمة فشلت في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية، وحوّلت جيش الاحتلال إلى مؤسسة مأزومة نفسيًا وأخلاقيًا، بعدما واجه مقاومة شرسة من فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ولبنان.

ويخلص التقرير البريطاني إلى أن أخطر ما تواجهه “إسرائيل” اليوم ليس فقط تهديد الصواريخ والطائرات المسيّرة، بل تصدّع جبهتها الداخلية وتآكل ثقة جنودها بأنفسهم وبقيادتهم، وهي أزمة قد تمتد آثارها لعقود قادمة، في وقتٍ تبدو فيه “الدولة العبرية” غارقة في أعمق مأزق وجودي منذ تأسيسها.

قد يعجبك ايضا