“ذي إنترسبت”: إدارة ترامب تستخدم الجوع كسلاح سياسي في مواجهة خصومها
واشنطن – المساء برس|
نشر موقع “ذي إنترسبت” الأميركي في السابع من نوفمبر الجاري تقريرًا مطوّلًا بعنوان “الرئيس لا يرى أي مشكلة في أن تموت جوعًا”، كشف فيه أن إطالة أمد الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة تحوّل إلى وسيلة ضغط سياسية تستهدف الطبقات الفقيرة، بعدما حُرم أكثر من 42 مليون أميركي من مخصصات الغذاء مطلع نوفمبر، في سابقة لم يشهدها برنامج المساعدات الغذائية الفدرالي (SNAP) منذ تأسيسه قبل ستة عقود.
ووفق التقرير، فإن الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني أدّى إلى تجميد كامل لبرنامج المساعدات الغذائية، ما دفع ملايين العائلات الأميركية إلى مواجهة الجوع الحرفي لأول مرة بسبب فشل الساسة في تمرير الموازنة. وبرغم صدور أوامر قضائية عاجلة لإعادة صرف المخصصات، فإن إدارة ترامب – بحسب ذي إنترسبت – استأنفت القرار القضائي، في خطوة وُصفت بأنها “قاسية وغير إنسانية”، لأنها أبقت الأسر الأميركية رهينة التجاذبات السياسية.
وأوضح التقرير أن جذور الأزمة تعود إلى صراع الميزانية بين الجمهوريين والديمقراطيين، إذ أصرّ الجمهوريون على تمرير تخفيضات تمسّ الرعاية الصحية، بينما تمسّك الديمقراطيون بتمديد الإعفاءات الضريبية الخاصة بالرعاية الطبية، فانهارت المفاوضات، وأُغلقت المؤسسات الفدرالية منذ الأول من أكتوبر. ونتيجة لذلك، أُجبر مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين على العمل دون أجر، فيما حُرم الملايين من الخدمات الأساسية.
وذكر التقرير أن ترامب استخدم المساعدات الغذائية كورقة مساومة سياسية، إذ هدّد علنًا عبر منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي بأن “المساعدات لن تُصرف حتى يفتح الديمقراطيون الحكومة”، ما يعني – كما يصف الموقع – “استخدام الجوع كسلاح للابتزاز السياسي”.
وأشار الموقع إلى أن برنامج SNAP، وهو أضخم شبكة دعم غذائي في الولايات المتحدة، يخدم الأسر العاملة محدودة الدخل وكبار السن وذوي الإعاقة. ومع توقفه بالكامل، ارتفعت طوابير المحتاجين أمام بنوك الطعام من نيويورك إلى تكساس، فيما سارعت بعض الولايات إلى إطلاق تمويلات طارئة لتخفيف حدة الأزمة، لكن هذه الجهود لم تغطِّ سوى جزء ضئيل من الاحتياجات.
وأضاف التقرير أن إدارة ترامب رفضت تفعيل صندوق الطوارئ البالغ 5 مليارات دولار لتغطية العجز، رغم وجود سابقة قانونية تسمح باستخدامه في مثل هذه الحالات. كما انتقد التقرير تبرير البيت الأبيض بأن “تحويل الأموال من برامج تغذية الأطفال إلى SNAP أمر غير مقبول”، واصفًا ذلك بأنه “خيار زائف خلقته الإدارة نفسها لتبرير التقاعس”.
وأشار الموقع إلى أن الإغلاق الحالي هو العشرون منذ عام 1976، لكنه يختلف عن سابقاته لأن “رئيس الدولة نفسه بات يستخدم الجوع كأداة سياسية متعمّدة”، وهو ما اعتبره التقرير “سابقة خطيرة في التاريخ الأميركي الحديث”.
ونقل الإنترسبت عن السيناتور الديمقراطي جيف ميركلي قوله إن “الأطفال والعائلات لا يجب أن يعاملوا كرهائن أو أوراق تفاوض”، منتقدًا ما وصفه بـ“القسوة غير المعقولة” في تعامل الجمهوريين مع قضية تمسّ حياة الملايين.
ويرى التقرير أن هذه الأزمة تكشف عطبًا بنيويًا في النظام السياسي الأميركي، إذ تحوّلت الخلافات الحزبية إلى لعبة تهدد الأمن الاجتماعي والغذائي لملايين المواطنين، فيما يواصل كبار الساسة تقاضي رواتبهم الكاملة وسط معاناة الطبقات العاملة. كما اعتبر أن الإغلاق المتكرر يهدف إلى تحطيم ثقة الأميركيين في الدولة، ضمن مشروع سياسي طويل الأمد يسعى إلى إضعاف فكرة الحكومة كجهة قادرة على خدمة الصالح العام.
وختم الموقع الأمريكي تقريره بالقول إن ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة “ليس مجرد تعطّل إداري، بل انهيار أخلاقي”، مضيفًا أن “حكومة تترك شعبها يجوع من أجل مكاسب حزبية قصيرة المدى، تهدّد بانهيار ما تبقى من العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها”.