لماذا كان بيان وزارة الداخلية في صنعاء صادما وأفقد الكثيرين القدرة على التفكير

متابعات خاصة – المساء برس.. هاشم الدرة|

منذ اعلان وزارة الداخلية في صنعاء ضبط شبكة تجسس مرتبطة بأجهزة استخبارات اجنبية عصر السبت  تصاعدت مواقف مشككة لما جاء في البيان ووصفته بانه مجرد دعاية سياسية.

هذا التشكيك اصطدم مباشرة بأدلة موثقة ظهرت لاحقا في استعراض مرئي تضمن أسماء المتهمين واعترافاتهم المصورة، حيث لم يكن  النقاش نظريا ولا سردية مجردة من الدليل بل اصبح ملفا بملامح محددة ووجوه معلنة وشهادات موثقة.

فالأدلة الواضحة التي أنكرها المشككون كانت على مستويين الاول هو مستوى الادلة المتاحة للرأي العام التي انتقلت من بيان مكتوب الى عرض بصري موثق.

الثاني هو حجم الإنكار الذي حاول تحويل الانجاز الأمني الى مادة للطعن المسبق دون فحص موضوعي للمحتوى المنشور والأدلة الدامغة.

الحجة المركزية لدى المشككين كانت ان البيان يفتقر الى التفاصيل والاسماء غير ان نشر الاستعراض المرئي قضى على هذه الحجة اذ ظهر المتهمون بالصوت والصورة مع ذكر اسمائهم واعترافاتهم بما نسب اليهم، وبهذا تم الانتقال من الكلام العام الى دلائل بصرية تغير طبيعة الجدل وتضع عبء البرهنة على من ينكر وجود ملف اصلا.

كما أن الادلة المرئية تمنح الجمهور القدرة على التحقق المباشر من عناصر القضية وتمنح السلطات شرعية اضافية في عرض منجزها الامني.

وعلى الرغم أن السائد في القضايا الاستخباراتية أن لا تكشف الأجهزة كل ما لديها حفاظا على مسار التحقيق وادوات الرصد، ومع ذلك تم تقديم ما يكفي لإغلاق باب التشكيك في اصل الرواية ووجود متهمين محددين.

من جانب آخر يرى بعض المعارضين المشككين أن توقيت الاعلان هدفه توظيف سياسي لا اكثر، لكن طبيعة العمل الامني تفرض زمن الرصد والتحري والضبط ثم النشر عندما تكتمل حلقات القضية، فالإعلان يعكس نقطة نضج اجرائية لا لحظة اختيار خطابية.

كما أن التسلسل من بيان مكتوب الى استعراض مرئي يعبر عن استراتيجية اتصال عامة تبدأ بالإعلان عن الحدث ثم تقدم ادلة داعمة، هذا النسق ينسف فرضية الاستعراض المحض لخلق زخم دعائي ويؤكد ان المعلومات خرجت بشكل منظم.

ومن الواضح أن حجم الإنجاز الأمني الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية في صنعاء أصاب بعض الأصوات المعارضة بالذهول، حتى بدت ذاكرتهم وكأنها ذاكرة سمك، فهؤلاء قالوا إن البيان لم يذكر تفاصيل أو أسماء المتهمين، متجاهلين أن الاعترافات جاءت مسجلة بالصوت والصورة، وبأسماء واضحة للجواسيس الذين تم ضبطهم.

غير أن عدم ذكر الألقاب لم يكن نقصا في التفاصيل، بل كان قرارا مقصودا من السلطات حفاظا على مكانة أسر هؤلاء المتهمين وقبائلهم التي ينتمون إليها، حتى لا تتحول القضية إلى وصمة اجتماعية جماعية، وتتحول إلى بؤرة فتنة يستغلها المشككون أنفسهم، وهذا ما دفعهم لطرح هذا النوع من التشكيك، لأن طريقة العرض قطعت الطريق عليهم، فهذا الإجراء يعكس وعيا اجتماعيا وأمنيا، ويؤكد أن الهدف هو كشف الشبكة والتأكيد على الإنجاز الأمني، لا التشهير بالعائلات أو القبائل.

إذن، من يزعم أن البيان بلا تفاصيل إنما يتجاهل عمدا الأدلة المرئية والاعترافات العلنية التي وضعت أمام الرأي العام والعالم، والواقع أن هذا التشكيك ليس إلا محاولة للهروب من الاعتراف بحجم الإنجاز الأمني الذي أربك خصوم صنعاء وأثبت قدرة أجهزتها على مواجهة شبكات تجسس دولية معقدة.

أما الرسائل التي حملها البيان كانت واضحة، للداخل، أن الأجهزة الأمنية قادرة على كشف ومواجهة شبكات التجسس مهما كانت معقدة، وللخارج، أن اليمن ليس ساحة مستباحة وأن سلطاته تملك أدوات الردع والمواجهة استخباريا.

بهذا، تحول بيان الداخلية في صنعاء إلى حدث أمني بارز، ولم يكتفِ بالكشف عن شبكة تجسس دولية، بل قدم أدلة واعترافات علنية، ليؤكد أن الإنجاز الأمني حقيقي وموثق، ويضعف حجج المشككين الذين انطلقوا من مواقف سياسية مسبقة أكثر من قراءة موضوعية للوقائع.

قد يعجبك ايضا