قاعدة جوية أمريكية جنوب دمشق تفتح الأجواء السورية للمخططات الإسرائيلية في عموم المنطقة
متابعات – المساء برس|
تتحرك الإدارة الأمريكية في مسار جديد يعيد رسم خريطة انتشارها العسكري في سوريا، مع استعدادها لتأسيس وجود فعلي داخل قاعدة جوية تقع جنوب العاصمة دمشق، بهدف مراقبة وتطبيق الاتفاق الأمني الجاري بحثه بين سوريا والكيان الصهيوني.
ووفقا لما أوردته وكالة رويترز، فإن واشنطن تعمل منذ أشهر على وضع ترتيبات لوجستية واستخباراتية وإنسانية في القاعدة الجديدة، التي من المتوقع أن تشكل محورا استراتيجيا يربط بين مواقعها العسكرية في التنف وشمال سوريا، وقواعدها المنتشرة في الأردن والعراق وفلسطين المحتلة ودول الخليج، وصولا إلى منشآتها في قبرص وتركيا.
هذا الانتشار سيتيح للقيادة المركزية الأمريكية قدرة أوسع على المراقبة والسيطرة في قلب الشرق الأوسط، ويمثل خطوة متقدمة في مواجهة إيران ونفوذها الإقليمي.
ورغم أن توقيت إرسال القوات الأمريكية لم يحدد بعد، تكشف المعلومات أن البيت الأبيض يسعى إلى إبرام اتفاق أمني شامل بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وسوريا قبل نهاية العام، بعد أن تعثرت مفاوضات سابقة كان مخططا الإعلان عن نتائجها خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.
وأشارت مصادر سورية مطلعة إلى أن واشنطن تمارس ضغوطا سياسية مكثفة على دمشق للتسريع في التوصل إلى اتفاق قبل زيارة مرتقبة لأحمد الشرع الجولاني إلى واشنطن.
في الجانب الميداني، أفادت تقارير أن وزارة الدفاع الأمريكية سرعت خلال الشهرين الأخيرين إجراءات تقييم القاعدة التي سيجري استخدامها، ويرجح أن تكون قاعدة المزة الجوية بفضل طول مدرجها البالغ نحو 2.8 كيلومتر. ونقلت مصادر عسكرية سورية أن طائرات أمريكية من طراز C-130 نفذت رحلات استطلاع إلى الموقع ضمن اختبارات تشغيلية لتقييم جاهزيته.
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن المحادثات الفنية، ركزت على منح الجانب الأمريكي صلاحيات في مجالات الخدمات اللوجستية والمراقبة والتزود بالوقود والعمليات الإنسانية، مع تأكيد السلطات السورية على احتفاظها بالسيادة الكاملة على القاعدة.
وتمت مناقشة الملف خلال زيارة الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إلى دمشق في الثاني عشر من سبتمبر الماضي.
ويرى مراقبون أن الانتشار الأمريكي الجديد في دمشق يعد تحولا استراتيجيا نوعيا يتجاوز طبيعة الوجود في قاعدة التنف أو مناطق شمال الفرات، إذ إن تمركز القوات في قاعدة جوية داخل العاصمة السورية يضع واشنطن في موقع نفوذ مباشر على القرار الأمني والعسكري للبلاد.
هذا التطور يفتح الباب أمام مرحلة مختلفة من التواجد الأمريكي في سوريا، تنتقل فيه القوات من وضع “الاحتلال غير الشرعي” إلى حالة تواجد قانوني محتمل، ما سيتيح للولايات المتحدة توسيع أنشطتها الدفاعية والاستخباراتية عبر منظومات متطورة واتفاقيات قضائية ودعم لوجستي متكامل.
كما أن هذه الخطوة قد تشكل مؤشرا على اتجاه التحالفات الإقليمية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، خصوصا في ظل التنافس بين موسكو وواشنطن على تقاسم النفوذ العسكري، الأمر الذي يثير تساؤلات حول موقف تركيا ومصالحها في ظل هذا التحول الاستراتيجي.
ويرى مراقبون أن التحرك الأمريكي نحو تأسيس قاعدة جوية جنوب العاصمة دمشق يشكل قفزة نوعية في مستوى النفوذ العسكري الأمريكي داخل سوريا، فبينما اقتصر الوجود السابق على مواقع مثل قاعدة التنف أو مناطق شمال الفرات، فإن التمركز داخل العاصمة يضفي طابعا سياديا على هذا التواجد، ويمنح واشنطن قدرة مباشرة على التأثير في القرار الأمني والعسكري السوري.
ورغم محاولات سلطات الجولاني التعتيم على طبيعة هذا التواجد، فإن تمركز القوات الأمريكية في قاعدة جوية مركزية، يرجح أنها قاعدة المزة، يعني عمليا انتقال السيطرة الجوية إلى يد القيادة المركزية الأمريكية، وهذا التحول سيجعل الأجواء السورية، كما هو الحال في العراق، مستباحة لتنفيذ مشاريع ومخططات إسرائيلية واسعة النطاق، تنطلق من قلب سوريا نحو عموم المنطقة.