زهران ممداني.. أول مسلم يتولى رئاسة بلدية نيويورك ويقلب المعادلة السياسية في أكبر مدن أميركا

نيويورك – المساء برس|

حسم السباق إلى رئاسة بلدية نيويورك لصالح المرشح الديمقراطي زهران ممداني، ليصبح أول مسلم في تاريخ المدينة يتبوأ هذا المنصب، في خطوة وصفت بأنها تحول رمزي عميق في المشهد السياسي الأميركي، وإعلان لصعود الأقليات في مواجهة هياكل السلطة التقليدية.

وقال ممداني، مخاطباً أنصاره عقب إعلان فوزه: «اليوم دخلنا التاريخ… فزنا لأن أهالي نيويورك دافعوا عن مدينة يمكنهم تحمل تكلفة العيش فيها، مدينة يمكنهم فيها القيام بأكثر من مجرد الكفاح لتأمين حاجاتهم».

من هو ممداني؟

ولد زهران ممداني في أمريكا لعائلة مسلمة من أصل هندي هاجرت من مومباي في سبعينيات القرن الماضي. نشأ في بيئة متعددة الثقافات، ودرس السياسة العامة في جامعة كولومبيا، ليكرس بعدها حياته للدفاع عن حقوق المستأجرين ومكافحة التمييز العنصري في أجهزة الأمن.

قبل ترشحه لمنصب العمدة، شغل ممداني مقعداً في مجلس مدينة نيويورك، حيث اكتسب شهرة واسعة بسبب مواجهته لمصالح الشركات العقارية والفساد المحلي، واشتهر بقربه من المواطنين ومشاركته الدائمة في المظاهرات والفعاليات الشعبية.

كان أيضاً مغني راب في بداياته، تحت اسم “السيد كارداموم”، وهي تجربة تحولت لاحقاً إلى نقطة دعائية استخدمها منافسوه ضده، لكنها ساعدته في الوصول إلى الشباب وبناء قاعدة جماهيرية متنوعة.

فوز ممداني، البالغ من العمر 34 عاماً، جاء مفاجئاً للمؤسسة السياسية التقليدية، بعد أن هزم الحاكم السابق آندرو كومو الذي خاض الانتخابات كمستقل. اعتمدت حملته على التنظيم الشعبي والتمويل الجماعي، لا على دعم الشركات الكبرى، ونجح في بناء تحالف يضم المهاجرين، والطبقة العاملة، والأقليات العرقية.

شعاره الانتخابي كان بسيطاً وواضحاً: «محاربة الفساد، وتوفير السكن الميسور، وإصلاح جهاز الشرطة».

ويعد ممداني من أبرز الأصوات الأميركية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، إذ وصف الاحتلال الإسرائيلي بأنه “نظام فصل عنصري”، ودعا مراراً إلى وقف الدعم العسكري لـ”إسرائيل” حتى تلتزم بالقانون الدولي.

شارك في فعاليات مؤيدة لفلسطين، ورفض التراجع عن مواقفه رغم الضغوط، معتبراً أن النضال الفلسطيني جزء من معركة عالمية ضد الاستعمار والظلم.

خلال الانتخابات التمهيدية، أثار جدلاً واسعاً بعدما رفض التبرؤ من مصطلح «عولمة الانتفاضة»، لكنه أوضح لاحقاً أنه نصح بعدم استخدامه لتجنب سوء الفهم.

العلاقة بين ممداني والرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب تتسم بالعداء الصريح. فممداني يرى أن سياسات ترامب ضد المهاجرين والأقليات تمثل “تجسيداً للظلم”، وانتقد انحيازه المطلق لـ”إسرائيل”.

وقال ممداني في خطاب فوزه موجهًا حديثه لترامب: «إذا كانت هناك مدينة تستطيع أن تُري الأمة كيف تهزم ترامب، فهي نيويورك… وإذا كنت تشاهدني يا دونالد، لدي أربع كلمات لك: ارفع الصوت!».

كما توعد بمحاسبة “أباطرة العقارات الجشعين” الذين يستغلون المستأجرين، في إشارة مباشرة إلى ترامب وعدد من رجال الأعمال المقربين منه.

وكشفت تقارير صحفية عن أن باراك أوباما أجرى مكالمة تهنئة مطولة مع ممداني بعد فوزه، وأبدى استعداده لتقديم المشورة له في إدارة المدينة، رغم امتناعه عن إعلان دعم رسمي خلال الحملة.

هذه الخطوة وُصفت بأنها إشارة ضمنية من أوباما إلى تأييده للمسار الجديد الذي يمثله ممداني داخل الحزب الديمقراطي.

صعود زهران ممداني إلى رئاسة بلدية نيويورك يحمل رمزية سياسية عميقة؛ فهو ابن مهاجرين مسلمين من أصول آسيوية، يتبنى خطاباً تقدمياً جريئاً في قضايا العدالة الاجتماعية، وينتقد علناً السياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط.

وبينما يعتبره مؤيدوه صوتاً للمهمشين والطبقة العاملة، يرى فيه خصومه تهديداً للنظام السياسي التقليدي في أكبر مدن الولايات المتحدة.

لكن المؤكد أن انتخاب ممداني سيترك أثراً واسعاً في الحياة السياسية الأميركية، خصوصاً في ظل مواقفه الثابتة من “إسرائيل” وجرائم الاحتلال في فلسطين، ومواجهته المباشرة لترامب وأقطاب الرأسمالية الأميركية.

قد يعجبك ايضا