“هوامير الطاقة” في عدن: فساد بالمليارات تحت أعين الحكومة والتحالف
متابعات _ المساء برس|
في الوقت الذي تعيش فيه مدينة عدن أسوأ أزمة كهرباء منذ سنوات، تتكشف خيوط فساد هائلة داخل منظومة شراء الطاقة، حيث تُهدر ملايين الدولارات يومياً على عقود مشبوهة وصفقات غير شفافة، بينما تتوقف محطات التوليد الحكومية عن العمل نتيجة الإهمال وغياب الصيانة.
ويؤكد خبراء في قطاع الطاقة أن هذا الفساد أصبح عائق كبير أمام استقرار المنظومة الكهربائية في المحافظات الجنوبية، إذ يتم إنفاق ما يقارب خمسة ملايين دولار يومياً لتشغيل محطات تعمل بأقل من نصف طاقتها، فيما تُنفق ثلاثة ملايين دولار إضافية على شراء طاقة من مقاولين خاصين، ما يشكل عبئاً هائلاً على الخزينة العامة دون مردود فعلي.
ويقول الخبير الجيولوجي عبدالغني جغمان في تصريح نقلته قناة بلقيس، إن الأزمة الحالية ليست ناتجة عن نقص الوقود فقط، بل عن “شبكة مصالح” تتحكم في سوق الطاقة والوقود، تشمل مسؤولين وتجاراً ومصرفيين، مشيراً إلى أن تعطيل مصفاة عدن ساهم في نشوء سوق موازية لبيع المشتقات النفطية بأسعار مضاعفة يستفيد منها المتنفذون على حساب المواطنين.
بدوره، يصف الخبير الاقتصادي عيسى أبو حليقة الوضع بأنه “انهيار شبه كامل لمنظومة الكهرباء”، مشيراً إلى أن تكلفة التشغيل الشهرية تصل إلى 55 مليون دولار، بينما لا تغطي الإيرادات سوى جزء بسيط منها.
ويرى أبو حليقة أن غياب مشاريع الطاقة البديلة كالغاز الطبيعي والطاقة الشمسية جعل عدن رهينة للوقود المستورد والفساد الإداري.
وتوضح بيانات المؤسسة العامة للكهرباء أن محطة الرئيس تحتاج إلى سبع ناقلات وقود يومياً لتشغيلها بالحد الأدنى، غير أن ما يصل فعلياً لا يتجاوز أربع ناقلات بسبب توقف الإمدادات من حقول النفط في صافر والعقلة، مما ينذر بانهيار شامل للمنظومة الكهربائية في عدن ومحافظات لحج وأبين وشبوة وحضرموت.
ويعيش سكان عدن حالياً على وقع ساعتين فقط من الإضاءة مقابل 22 ساعة انقطاع، ما أدى إلى توقف ضخ المياه وتعطل المخابز والمستشفيات والمصانع، أما من يمتلكون القدرة المادية، فقد لجأوا إلى مولدات خاصة أو أنظمة طاقة شمسية تتجاوز تكلفتها ألف دولار، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم الأسر التي لم تتسلم رواتبها منذ أشهر.
وكانت المؤسسة العامة للكهرباء بعدن قد أعلنت الاثنين الماضي توقف التيار الكهربائي كلياً عند الساعة الواحدة ظهراً بسبب نفاد آخر كميات الوقود المشغلة للمحطة الرئيسية، مؤكدة أن القدرة التوليدية انخفضت إلى صفر ميجاوات واستمر الانقطاع الشامل لأكثر من 40 ساعة.
ويرى مراقبون بأن استمرار أزمة الكهرباء في المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة القوى الموالية للتحالف، بالإضافة إلى بقية الأزمات، تأتي في إطار عمل ممنهج يمارسه التحالف والفصائل الموالية له بهدف تنفيذ أجنداتهم في اليمن.