عدن.. من عاصمة مؤقتة إلى ساحة دائمة للانهيار

متابعات – المساء برس.. هاشم الدرة|

عدن.. المدينة التي كانت يوما بوابة البحر ونافذة الخير لليمن، تغرق اليوم في ظلام الانهيار، وتئن تحت وطأة الفشل والفساد والانقسام، لا كهرباء، لا ماء، لا رواتب، لا أمن، لا دولة، فقط شعب يتنفس القهر، ويعيش على فتات الأمل، في ظل سلطة عاجزة، وتحالف لا يريد لهذه الأرض أن تنهض.

في شوارع عدن، لا شيء يشبه الحياة، الكهرباء مقطوعة لساعات طويلة، والمياه لا تصل إلا نادرا، والقمامة تتكدس في الأزقة، والدواء مفقود، والمستشفيات شبه مغلقة، الأسعار تشتعل، والعملة تنهار، والرواتب لا تأتي إلا بعد شهور، إن أتت، حتى أن المواطن هناك لم يعد يسأل عن الرفاهية، بل عن البقاء.

الانفلات الأمني ليس عارضا، بل واقع يومي، توزع ما بين اغتيالات، اختطافات، صراعات بين الفصائل، وغياب تام لأي سلطة تحمي الناس، فكل فصيل يرفع رايته، وكل جهة تدعي الشرعية، بينما المواطن هو الضحية الوحيدة في هذا المشهد العبثي.

الفساد ينخر في جسد المؤسسات، والانقسام السياسي يفتك بما تبقى من مفهوم “الدولة”، وحكومة التحالف عاجزة عن إدارة أبسط الملفات، والمجلس الرئاسي غارق في خلافاته، وكل طرف يحمل الآخر مسؤولية الانهيار، بينما الحقيقة أن الجميع شريك في صناعة هذا الجحيم.

أما التحالف، الذي دخل تحت شعار “إعادة الشرعية”، لم يعد يخفي رغبته في تكريس هذا الفشل، فهو المستفيد الأول من تفكك المؤسسات، ومن تعدد الولاءات، ومن بقاء الجنوب ساحة مفتوحة للفوضى، لا إعمار، لا استقرار، لا سيادة، فقط قواعد عسكرية، وموانئ مغلقة، وثروات منهوبة.

عدن اليوم جرح مفتوح، ينزف من خاصرة وطن، ويصرخ في وجه العالم: إلى متى؟ إلى متى سيبقى المواطن رهينة لصراعات لا ناقة له فيها ولا جمل؟ إلى متى سيظل التحالف يعبث بمصير الناس، ويمنع عنهم أبسط مقومات الحياة؟

ما يحدث في عدن ليس قدرا، بل نتيجة طبيعية لفشل سياسي، وفساد إداري، وتدخل خارجي لا يريد الخير لهذا البلد، وما لم يستفق الجميع، فإن هذا الانهيار لن يتوقف، بل سيتحول إلى كارثة لا يمكن احتواؤها.

عدن لا تحتاج إلى بيانات شجب، ولا إلى لجان وهمية، عدن تحتاج إلى قرار، إلى إرادة، إلى دولة حقيقية تحمي شعبها، وتعيد له كرامته، وتنتزع سيادته من يد العابثين.

قد يعجبك ايضا