صفقة “طوفان الأحرار”.. حين فرضت المقاومة إرادتها وكسرت قيود المؤبد
فلسطين المحتلة – المساء برس|
في واحدة من أبرز محطات المعركة المستمرة من أجل التحرر الوطني، استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تكتب فصلاً جديداً في معركة الإرادة والكرامة، بعد أن نجحت في تحرير ما نسبته 87% من الأسرى المحكومين بالمؤبد داخل سجون الاحتلال، ضمن مراحل صفقة “طوفان الأحرار” التي هزّت منظومة السجن الصهيونية من جذورها، وفقاً لمدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى الباحث رياض الأشقر.
وهذه الصفقة – التي لم تكن مجرد تبادل أعداد – تعتبر تحول استراتيجي في ميزان القوة، سيما بعد أن تمكنت المقاومة من انتزاع حرية 503 أسيرا من أصل 580 ممن حكم عليهم الاحتلال بالسجن المؤبد مدى الحياة، كثير منهم أمضوا أكثر من ربع قرن في الزنازين، إلى جانب عشرات الأسرى ذوي الأحكام العالية التي تتجاوز الخمسة عشر عامًا.
وأعادت الصفقة الاعتبار لرموز الحركة الأسيرة الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم بعد صفقة “وفاء الأحرار” عام 2014، إذ نجحت المقاومة في إطلاق سراح 41 أسيرا من هؤلاء الذين أعاد لهم الاحتلال الأحكام السابقة ظلماً وعدواناً، بينهم من قضى عمره خلف القضبان قبل أن يتنسم الحرية مجددا.
كما حملت الصفقة بشرى تحرير 13 أسيراً من قدامى الأسرى المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو، بعضهم تجاوزت سنوات أسره الثلاثين المتواصلة، فيما لا يزال تسعة من رفاقهم داخل السجون، سبعة منهم من أبناء الداخل المحتل، إضافة إلى الأسيرين جمعة آدم من رام الله ومحمود أبو خربيش من أريحا، المعتقلين منذ عام 1988.
ورغم محاولات الاحتلال إفشال الصفقة عبر رفضه إطلاق سراح أسرى من الأراضي المحتلة عام 1948، ومن قيادات الحركة الأسيرة الذين أمضوا عقودا في الأسر، إلا أن المفاوض الفلسطيني خاض معركة شاقة حتى اللحظات الأخيرة، وأثبت أن المقاومة لا تفرّط في رموزها ولا تقبل أن تُفرَض عليها معايير العدو.
ويؤكد الأشقر أن ما يميز صفقة “طوفان الأحرار” ليس فقط حجمها التاريخي الذي بلغ 3985 أسيرا محررا من مختلف المناطق — غزة، الضفة، القدس، والداخل الفلسطيني — بل تنوع الانتماءات والفصائل المشاركة، ما جعلها صفقة وطنية بامتياز، جسّدت وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة آلة القمع الصهيونية.
ومن بين هؤلاء، أُفرج عن 2718 أسيراً من قطاع غزة، كان الاحتلال قد اعتقلهم خلال عدوانه الإجرامي الأخير على القطاع، في مشهد يجسد انتصار الإرادة على الجريمة، والوفاء لدماء الشهداء ومعاناة الأسرى على حد سواء.
ويختم الأشقر بالتأكيد على أن المقاومة الفلسطينية تعتبر ملف الأسرى جوهر القضية الوطنية، وأن ما تحقق ليس نهاية الطريق بل خطوة متقدمة في مسار التحرير الشامل، قائلاً:
قضية الأسرى ستبقى على رأس الأولويات الوطنية للمقاومة وللشعب الفلسطيني، وأنها لن تهدأ إلا بتحرير آخر أسير من سجون الاحتلال، وأن ما تم ما هو إلا مرحلة من مراحل الصراع مع المحتل اجتهدت فيه المقاومة لإنجاز الاتفاق الأفضل، وعينها على الحرب وجرائم الإبادة التي تُرتكب بحق شعبنا في قطاع غزة.