تحالف الظل.. وثائق أميركية تفضح تنسيقًا عسكريًا سريًا بين “إسرائيل” ودول عربية
تقرير – المساء برس|
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في تقريرٍ استقصائي نشرته أمس السبت عن وثائق مسرّبة للجيش الأميركي تظهر أن دولًا عربية واصلت، خلال السنوات الماضية، تعزيز تعاونها العسكري السري مع “إسرائيل”، رغم مواقفها العلنية المندّدة بالحرب الإسرائيلية على غزة.
وبحسب التقرير، الذي استند إلى عروضٍ تقديمية ووثائق حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، فقد نظّم الجيش الأميركي، عبر قيادته المركزية (سنتكوم)، سلسلة اجتماعات سرّية منذ عام 2022 جمعت مسؤولين عسكريين من “إسرائيل” وست دول عربية، هي: قطر، البحرين، مصر، الأردن، السعودية، والإمارات، فيما أُدرجت الكويت وعمان كـ”شريكين محتملين” اطّلعتا على تفاصيل الاجتماعات.
وتشير الوثائق، التي اطلعت عليها واشنطن بوست، إلى أن تلك اللقاءات عقدت في البحرين ومصر والأردن وقطر، وتركّزت على إنشاء ما تصفه القيادة الأميركية بـ”التحالف الأمني الإقليمي”، الذي يهدف إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الدفاعات الجوية ومكافحة “التهديدات الإيرانية”.
في مايو 2024، مثّل مؤتمر عقد في قاعدة العديد الجوية بقطر محطة بارزة في هذا التعاون؛ حيث شارك فيه ضباط كبار من “جيش الاحتلال الإسرائيلي” إلى جانب ممثلين عن الدول العربية الست، وجرى إدخال الوفد الإسرائيلي مباشرة إلى القاعدة عبر ممر عسكري خاص، لتجنّب مروره بنقاط الدخول المدنية القطرية التي قد تكشف وجوده، بحسب الوثائق المسرّبة.
الوثائق الأميركية – التي وصفت إيران وحلفاءها في اليمن وغزة وسوريا والعراق بـ”محور الشر” – تُظهر أن واشنطن أشرفت على برامج تدريب مشتركة شملت مناورات لاكتشاف وتدمير الأنفاق الجوفية، وهو تكتيك يستخدم عادة ضد المقاومة الفلسطينية في غزة.
كما قاد ضباط أميركيون، وفق التقرير، اجتماعات تخطيطية لما وصف بأنه “عمليات معلوماتية” تستهدف تقويض رواية طهران بأنها الحامي الإقليمي للفلسطينيين، مقابل الترويج لـ”شراكة تقوم على الازدهار والتعاون الإقليمي”.
ولفتت الصحيفة إلى أن القيادة المركزية الأميركية نجحت، بحلول عام 2024، في ربط عدد من الجيوش العربية بشبكاتها الدفاعية والاستخباراتية، بما يسمح بتبادل بيانات الرادار والصور الجوية عبر أنظمة وزارة الدفاع الأميركية. كما تم إنشاء نظام دردشة مشفّر تديره واشنطن لتمكين الاتصالات المباشرة بين هذه الجيوش و”جيش الاحتلال”.
في المقابل، كشفت إحدى الوثائق عن خطط لإنشاء “مركز سيبراني مشترك للشرق الأوسط” بحلول نهاية عام 2026، بهدف التدريب على العمليات الدفاعية في الفضاء الإلكتروني، إلى جانب “مركز دمج المعلومات” لتنسيق الخطط والعمليات المشتركة في بيئة رقمية موحّدة.
وأبرز التقرير أن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا فاعلًا في هذا التحالف غير المعلن، عبر تبادل المعلومات الاستخباراتية مع “إسرائيل” والولايات المتحدة حول ملفات متعددة تشمل الوضع في سوريا واليمن وعمليات تنظيم “داعش”.
وفي تعليقٍ منسوب إلى مسؤول دفاعي أميركي سابق – رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات أمنية – قال إن هذه الاجتماعات “تعكس طبيعة العلاقات البراغماتية بين دول الخليج و’إسرائيل‘، واحترامها لقدراتها العسكرية”، مضيفًا: “يبدو أنهم جميعًا يعتقدون أن الإسرائيليين يستطيعون فعل ما يشاؤون دون أن يُكشف أمرهم”.
وبحسب مراقبين فإن ما كشفته واشنطن بوست يشكّل دليلاً إضافيًا على عمق التغلغل الإسرائيلي في البنية الأمنية العربية برعاية أميركية، في وقتٍ تتصاعد فيه المشاعر الشعبية الغاضبة ضد العدوان على غزة، كما يعكس، الازدواجية الصارخة بين الخطاب العلني العربي المتضامن مع الفلسطينيين، والممارسات الأمنية الفعلية التي تصبّ في خدمة التحالف الأميركي-الإسرائيلي ضد فلسطين والدول المساندة لها.