صفقة الأسرى المرتقبة: ارتباك داخل كيان الاحتلال وانتصار سياسي للمقاومة الفلسطينية
تقرير خاص – المساء برس|
تسارعت خلال الساعات الماضية وتيرة التسريبات العبرية حول ملامح صفقة تبادل الأسرى الجديدة بين المقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”، وسط مؤشرات واضحة على ارتباك داخل كيان الاحتلال، مقابل تأكيد المقاومة موقعها كطرف منتصر وممسك بزمام الميدان والسياسة.
فبحسب القناة 12 العبرية، فإن الاتفاق ينص على الإفراج عن 250 أسيراً أمنياً و1700 معتقل من سكان قطاع غزة ممن لم يشاركوا في عملية السابع من أكتوبر، إضافة إلى 22 قاصراً وإعادة 360 جثة لمقاتلين.
كما تقرر، وفق ما أوردته وسائل الإعلام العبرية، أن يُفرج عن الأسرى “ذوي الأحكام العالية” فقط إلى قطاع غزة أو إلى الخارج، في محاولة من حكومة الاحتلال للالتفاف على الضغوط الداخلية التي تطالب بإطلاق سراح القادة الرموز، وعلى رأسهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وحسن سلامة.
ورغم إعلان مكتب نتنياهو أن البرغوثي لن يكون ضمن الصفقة، إلا أن مصادر تفاوضية كشفت لـ”العربي الجديد” أن الاحتلال وافق فعلاً على إدراج أسمائهم ضمن القوائم النهائية، ما يشير إلى تناقض الرواية الرسمية وتراجع حكومة نتنياهو تحت الضغط.
وتزامن ذلك مع إعلان المتحدثة باسم حكومة الاحتلال توقيع المسودة النهائية للمرحلة الأولى من الخطة في القاهرة، مؤكدةً أن وقف إطلاق النار في غزة سيدخل حيز التنفيذ خلال 24 ساعة، وأن جيش الاحتلال سيعيد انتشاره على ما يسمى بـ”الخط الأصفر”، أي انسحابه من قرابة 47% من القطاع، وهو ما يعني عملياً فشل حملة الاحتلال في تحقيق أهدافها، وإقراراً ميدانياً بقدرة المقاومة على فرض شروطها.
ورغم محاولات المسؤولين في كيان الاحتلال، مثل الوزير زئيف إلكين ووزيرة الاستيطان أوريت ستروك، تبرير الصفقة تحت عنوان “الضرورة الوطنية”، فإن تصريحاتهم أظهرت عمق الانقسام الداخلي والخشية من تبعات الإفراج عن أسرى فلسطينيين تصفهم حكومة الاحتلال بـ”الخطرين”، فيما وصف وزير الثقافة الإسرائيلي الاتفاق بأنه “باهظ الثمن”، في إشارة إلى الثمن السياسي والأمني الذي تدفعه “إسرائيل” تحت وطأة إخفاقها العسكري.
وفي المقابل، تعكس التطورات الميدانية والسياسية حقيقة واضحة تتجلى في أن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تفرض معادلة جديدة، عنوانها أن وقف النار وتبادل الأسرى لا يمكن أن يتحققا إلا بشروطها.
كما أن القبول الإسرائيلي بانسحاب جزئي، وإعادة انتشار في مناطق عدة من غزة، يعكس حالة الإنهاك العسكري، ويؤكد أن معركة السابع من أكتوبر وما تلاها غيّرت جذرياً ميزان الردع في المنطقة.
ومع دخول الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا في إطار قوة مهام مشتركة لتحديد مواقع رفات الرهائن، يبدو أن “إسرائيل” فقدت السيطرة حتى على ملف مخطوفيها، لتتحول من موقع الممسك بالمبادرة إلى موقع المستجيب لشروط المقاومة.
وبينما تستعد مصلحة السجون في كيان الاحتلال لتنفيذ الإفراجات الواسعة، يجمع المراقبون على أن هذه الصفقة، مهما حاولت “إسرائيل” تجميلها، تمثل انتصاراً استراتيجياً جديداً للمقاومة الفلسطينية، واعترافاً ضمنياً بفشل المشروع الصهيوني في كسر إرادة غزة أو إخضاعها بعد عامين من الحرب الشرسة.