رَدودٌ إسرائيلية مغلظة على اعتراف ثلاث دول بدولة فلسطين.. غضب وتهديدات من قادة الاحتلال

خاص – المساء برس|

أثار إعلان كلٍ من بريطانيا وكندا وأستراليا خطوات رسمية للاعتراف بدولة فلسطين ردود فعل إسرائيلية عنيفة ومتوترة تعكس أزمة داخلية عميقة لدى قيادة الاحتلال وإمعانها في التصعيد السياسي. بدت مواقف قادة تل أبيب بمثابة رسالة استعلائية وتهديدية هدفها ردّع المجتمع الدولي وتثبيت شرعنة الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية.

وصف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو القرار بأنه «مكافأة للإرهاب» و«تهديد وجودي» — عبارة تكشف سياسة الردع والإدانة التي يتبناها نتنياهو بدل السعي لحل سياسي. وفي مقاربة لا تخلو من خطاب الانفعال، طالب نتنياهو بتعبئة دولية تدعم ما وصفه «حق إسرائيل في الدفاع» فيما تجاهل حقيقة أن الاعتراف الدولي جاء احتجاجًا على جرائم مستمرة تجاه المدنيين في غزة.

وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير لم يفوّت الفرصة ليرتد بلغة أقسى، متحدثًا عن «إعطاء مكافآت للقتلة» وداعيًا إلى «فرض السيادة فورًا على يهودا والسامرة» وسحق مؤسسات السلطة الفلسطينية. هذه التصريحات لا تعكس رد فعل حكومي مدروسًا بقدر ما تعبّر عن عزيمة على تكثيف السياسات القمعية وتصعيد فرض السيطرة، ما يرسّخ مسارًا جديدًا من الانفصال العنيف عن أي مفاوضات سياسية.

كما انبرى مسؤولون أمنيون وسياسيون سابقون من داخل المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية لشنّ هجوم لفظي على قرار الاعتراف، متهمين القوى الغربية بأنها تُقدّم هدايا «سياسية» لمن أسماهم «الإرهابيين» بينما تبقى قضية الرهائن والضحايا دون حل. كلام آيزنكوت وغانتس ورفاقهما كشف انقسامات بالغة داخل المشهد السياسي الإسرائيلي: اتهام بالفشل للحكومة، واستثمار الخوف الداخلي لتمرير سياسات قمعية خارج إطار الشرعية الدولية.

المشهد الإعلامي والسياسي في تل أبيب بدا كأنه يحاول تحويل ملف الاعتراف الدولي إلى ذريعة لتشديد إجراءات الاحتلال إقليميًا وداخليًا، فيما يزداد عزوف المجتمع الدولي عن قبول الرواية الإسرائيلية التقليدية. الاعترافات البريطانية والكندية والأسترالية جاءت في سياق إدانات واسعة للخرق الإنساني في غزة، وهي إذ تكرّس حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، تكشف أيضًا عمق عزلة إسرائيل المتزايدة على الساحة الدولية.

مراقبون دبلوماسيون يشيرون إلى أن الانفعال الإسرائيلي وحديثه عن خطوات انتقامية وضمّ موسّع للضفة لن يؤدّي إلا إلى تفاقم عزلة تل أبيب، ويفتح الباب أمام خطوات موازية من المجتمع الدولي. كما يحذر هؤلاء من أن التعويل على سياسة القوة وكيل الاتهامات قد يدفع المنطقة نحو مزيد من التوترات، ويزيد من فرص انزلاق المواجهة إلى مسارات أكثر اتساعًا.

في المقابل، تؤكد الدول التي أعلنت اعترافها أن قرارها يهدف إلى حماية المدنيين وخلق إطار دولي يضغط لوقف العدوان وفتح طريق لحل سياسي عادل يضمن أمن الشعوب وكرامة الفلسطينيين. ومع هذا، تزداد الضغوط على إسرائيل التي تبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى أمام خيارين واضحين: التراجع عن سياسات التصعيد والقبول بمسار سياسي يُنهي احتلالًا طويلًا، أو مواصلة العناد الذي قد يكلّفها مزيدًا من العزلة والتكاليف السياسية والاقتصادية والأمنية.

قد يعجبك ايضا