“الدعاية بالذكاء الاصطناعي” وسيلة الحرب الأمريكية الجديدة.. هل سيكون اليمن مسرحاً لها؟

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

كشفت مجلة إنترسبت الأمريكية أن قيادة العمليات الخاصة في البنتاغون (SOCOM) تسعى خلال السنوات المقبلة لامتلاك تقنيات قائمة على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، بهدف إدارة حملات دعائية آلية واسعة النطاق تستهدف الجماهير الأجنبية عبر الإنترنت، وذلك للتأثير على الرأي العام الخارجي و”قمع الحجج المعارضة”.

وبحسب الوثائق التي استعرضتها المجلة، فإن الخطة الأمريكية تقوم على تطوير أنظمة قادرة على جمع المعلومات وتحليل النقاشات الإلكترونية والرد الفوري برسائل معدة مسبقاً، إضافة إلى صياغة محتوى دعائي متشعب يحاكي الأساليب الأكاديمية أو الخطابية، بل وحتى إنتاج مواد “تزييف عميق” (Deepfake) يمكن استخدامها في حملات التضليل الإعلامي.

الخطير في هذه الوثائق أن SOCOM تطمح إلى بناء “شبكات دعاية مستقلة” تعمل بشكل شبه أوتوماتيكي، قادرة على إعادة إنتاج الرسائل وتوجيهها بدقة إلى أفراد أو جماعات محددة بهدف التشويه أو بث الشكوك في أي رواية معارضة للسياسة الأمريكية.

الذكاء الاصطناعي.. وسيلة لتعويض الفشل العسكري

في السياق الإقليمي، تفتح هذه المعلومات الباب أمام تساؤلات مشروعة: هل يمكن أن تتحول هذه التقنيات إلى أداة في المعركة المفتوحة بين واشنطن وتل أبيب من جهة وصنعاء من جهة أخرى؟
فبعد سنوات من العمليات العسكرية المباشرة والفشل في وقف تنامي القدرات اليمنية – كما أقر مسؤولون إسرائيليون مؤخراً – يبدو أن الولايات المتحدة تبحث عن مسار بديل عبر الحرب المعلوماتية، لتعويض العجز في الميدان العسكري.

المؤشرات تقول إن واشنطن قد تلجأ إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في تضخيم دعايتها ضد اليمن، عبر محاولات خلق روايات موازية تبرر فشل منظومات الدفاع الصاروخي الأمريكية والإسرائيلية، أو إلصاق تهم “الإرهاب” و”التهديد العالمي” بالقوات اليمنية لتبرير استمرار الحصار والعدوان.

بين الدعاية والواقع الصلب

غير أن تجربة عقد كامل تكشف أن حملات التضليل الأمريكية كثيراً ما فشلت وانقلبت ضد صانعيها عند انكشافها، خاصة على الساحة اليمنية. واليوم، مع دخول الذكاء الاصطناعي كأداة مركزية في هذه الحملات، فإن المخاطر تتضاعف؛ فبينما تسعى واشنطن إلى “إعادة تشكيل الوعي”، يفرض اليمن وقائع ميدانية صلبة تُربك واشنطن وتل أبيب معاً، بدءاً من الصواريخ الباليستية المتشظية وصولاً إلى فرض معادلة استنزاف طويلة الأمد.

وبذلك، يبدو أن الولايات المتحدة – بعد عجزها في اليمن وفشل إسرائيل في كسر المقاومة – تحاول الانتقال من الميدان العسكري إلى الميدان الدعائي الرقمي، في معركة قد لا تقل شراسة عن المواجهة العسكرية، لكنها تعكس في الوقت نفسه عمق المأزق الاستراتيجي الذي يواجه واشنطن وحلفاءها في المنطقة.

قد يعجبك ايضا