رواتب بالدولار لمسؤولين في الفنادق.. كشف الإعاشة يغضب الشعب ويفضح انفصال السلطة عنهم

متابعات – المساء برس|

في واحدة من أخطر التسريبات المالية التي طفت على سطح الجدل العام، انفجر ملف “كشف الإعاشة” كقنبلة سياسية واجتماعية، بعد أن كشفت وثائق رسمية عن صرف ملايين الدولارات شهريا لمسؤولين يمنيين يقيمون خارج البلاد، تحت بند إعاشة شهرية، في وقت يعجز فيه ملايين المواطنين داخل اليمن عن تأمين وجبة واحدة في اليوم.

القائمة التي تضم آلاف الأسماء من منسوبي السلطة الشرعية، باستثناء السلك الدبلوماسي، تصرف لهم رواتب شهرية بالعملة الصعبة، تشمل الدولار والريال السعودي، إلى جانب مرتبات إضافية من عدن، رغم غيابهم عن مواقع العمل، وابتعادهم عن ساحات المواجهة، ومراكز القرار.

الملف الذي ظل طي الكتمان لسنوات، خرج إلى العلن عبر تسريبات تداولها نشطاء وصحفيون على منصات التواصل، وسط موجة غضب شعبي، اعتبر أن استمرار هذا الكشف المالي هو اختبار حقيقي لجدية الحكومة في محاربة الفساد، وإعادة ترتيب الأولويات، وإنقاذ ما تبقى من ثقة الناس في مؤسسات الدولة.

ونشر مركز المخا للدراسات دراسة بحثية كشفت أن المستفيدين من كشف الإعاشة لا يقتصرون على مسؤولين حكوميين، بل تشمل مغتربين وأشخاصا لم يسبق لهم العمل في القطاعين المدني أو العسكري، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول معايير الصرف، وآليات التوزيع، والجهات التي تقف خلف هذا الإنفاق غير المبرر.

الدراسة أكدت أن استمرار هذه الكشوفات بصيغتها الحالية يساهم في إطالة أمد الحرب، ويضعف فرص عودة السلطة “الشرعية” إلى الداخل، إذ إن من يتقاضى مبالغ خيالية في الخارج لن يكون متحمسا للعودة إلى بيئة عمل محفوفة بالمخاطر، ومجردة من الامتيازات.

كما أبرزت الورقة البحثية الفوارق الصادمة بين ما يحصل عليه المستفيدون من كشف الإعاشة، وبين ما يتقاضاه الجنود المرابطون في الجبهات، الذين يواجهون الموت يوميا دون تأمين أو رواتب منتظمة، ما يعكس خللا صارخا في العدالة المالية، ويضع الحكومة أمام مسؤولية أخلاقية وسياسية لا يمكن تجاهلها.

وكان الصحفي فتحي بن لزرق كشف أن يوم أمس الأول تم صرف مبلغ وقدره 11 مليون دولار، تم تحويله بنكيا إلى حسابات المسؤولين الحكوميين المقيمين في الخارج، تحت بند الإعاشة الشهرية، واصفا ذلك بأنه “دفعة أولى للمؤلفة قلوبهم”، في إشارة إلى أن المبالغ قد تكون جزءا من سلسلة تحويلات مستمرة.

هذا الرقم الذي يعادل ميزانية تشغيلية لعدة وزارات داخل اليمن، أثار موجة من التساؤلات حول مصدر التمويل، والجهة التي صادقت على الصرف، والسبب وراء استمرار هذه التحويلات في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وانهيار الخدمات الأساسية في معظم المحافظات.

وطالب الشارع اليمني، الذي تابع تفاصيل الملف بذهول وغضب، بفتح تحقيق عاجل، ونشر الكشوفات كاملة، ومحاسبة كل من تورط في تمرير هذه المبالغ، سواء من داخل الحكومة أو من الجهات المالية المرتبطة بها.

كما تصاعدت الدعوات لعودة جميع المسؤولين إلى الداخل، وإلغاء أي امتيازات تمنح لمن يقيم خارج البلاد، باعتبار أن “الشرعية” لا تُدار من الفنادق، ولا تبنى على حساب الجوعى والمقاتلين الذين يتعرضون للموت في جبهات القتال.

قد يعجبك ايضا