حرب نتنياهو بين أهداف التوسع وفقدان الشرعية الدولية

غزة – المساء برس|

أثار تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية للكاتب ديون نيسنباوم، موجة جديدة من الجدل حول طبيعة الحرب التي يخوضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والتي لم تعد تقتصر على الأبعاد العسكرية، بل انكشفت أهدافها السياسية بعيدة المدى. التقرير يضع الحرب في سياق استراتيجي يكشف نزعة نتنياهو نحو تكريس واقع احتلالي جديد، في وقت تتهاوى صورة “إسرائيل” في الداخل الأميركي والعالم.

أوضح نيسنباوم أنّ شعبية “إسرائيل” في الولايات المتحدة تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة، إذ لم يعد التعاطف الأميركي التقليدي معها قائماً بالزخم السابق. صور الأطفال الجائعين في غزة، والمشاهد المروعة لضحايا المجاعة، باتت عاملاً مؤثراً في الرأي العام الغربي، لتكشف أنّ ما يجري ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل حرب إبادة ممنهجة ضد شعب أعزل.

يرى التقرير أنّ نتنياهو يستغل الحرب الحالية لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

إجهاض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، عبر تقويض مقوماتها على الأرض، وتوسيع حدود “إسرائيل” من خلال فرض وقائع ميدانية جديدة، وإعادة احتلال قطاع غزة وحرمانه من أي صيغة استقلال أو حكم ذاتي مستقبلي.

هذه الأهداف، بحسب المجلة، تكشف أنّ الحرب ليست رد فعل أمني، بل مشروع سياسي توسعي يعيد إنتاج الاحتلال بأبشع صوره.

يشير التقرير إلى أنّ جيش الاحتلال اعتمد استراتيجية تدمير شامل للبنية التحتية في غزة. المستشفيات والجامعات والمدارس وحتى المباني الحكومية، كانت أهدافاً مباشرة، في إطار محاولة محو قدرة المجتمع الفلسطيني على الصمود. هذا النهج، بحسب فورين بوليسي، يتعمد ضرب الركائز المدنية، لتكريس حالة من الانهيار الدائم.

من زاوية أخرى، لفت نيسنباوم إلى أنّ “إسرائيل” شنّت حملة تشويه ممنهجة ضد الأمم المتحدة، مستهدفة وكالاتها وعلى رأسها “الأونروا”، في مسعى لإضعاف الدور الأممي وإبعاد أي جهد إغاثي أو رقابي دولي عن القطاع. وقد نجحت في تهميش دور المؤسسة الأممية التي لطالما كانت شريان حياة للفلسطينيين، ما ضاعف من مأساة المدنيين.

هذا السلوك، بحسب التقرير، ارتد سلباً على صورة “إسرائيل” في الغرب، لا سيما في الولايات المتحدة. فبينما كانت الأخيرة تشكل الحاضنة الأكبر للاحتلال على المستوى الشعبي والسياسي، أصبح الرأي العام الأميركي اليوم أكثر ميلاً لانتقاد جرائمه، ما ينذر بضغط متزايد على الساسة الأميركيين لمراجعة الدعم غير المشروط المقدم لـ”تل أبيب”.

قد يعجبك ايضا