حين يصبح الإنذار روتينًا: العمليات اليمنية تقوض أمن إسرائيل الجماعي
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
خلال يوليو الماضي، نفذت القوات اليمنية سلسلة من 14 عملية هجومية، شملت قصفًا بصواريخ باليستية أغلبها فرط صوتية من نوع “فلسطين 2″، ومسيّرات مختلفة المهام، وتحركات بحرية، وتوزعت العمليات بين استهداف داخل العمق الإسرائيلي وفي البحر الأحمر، والآن “إسرائيل” التي كانت تعِد نفسها بالأمن والسكون، تجد اليوم نفسها أمام حالة نفسية جماعية متراجعة وانهيار تدريجي لمفهوم الأمن الجماعي.
طنين الإنذارات: الخوف الذي لم يعد يُستهان به
وفقاً لمصادر صحفية إسرائيلية أكّدت أن صفارات الإنذار لم تعد مجرد إشارة للحركة نحو الملاجئ، بل أصبحت جزءاً من نمط حياتي ثابت. أحد مستوطني يافا المحتلة “تل أبيب” عبر على منصة Reddit قائلاً: “غالبًا لا أشعر برغبة في مغادرة غرفتي عندما يقررون إطلاق صاروخ… كثير من الإسرائيليين بدأوا يعتادون على الإنذارات ولا يعودون يتفاعلون معها”، هذا الشعور العام بـ “تبلّد الخوف” يعكس تغير الحالة الذهنية تجاه منظومة الإنذارات المستمرة في كيان الاحتلال بسبب الصواريخ الباليستية اليمنية التي تضرب الكيان كل يومين تقريباً كما هو الحال في يوليو الماضي الذي شهد 14 هجوماً من اليمن على الاحتلال بما في ذلك هجومين استهدفا سفينتي شحن انتهكتا عبر شركاتهما المالكة قرار حظر الملاحة نحو موانئ الاحتلال.
ثغرات دفاعية وتنبيه سياسي متكرر
وفقاً لتقارير في وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مسؤولين في الدفاع الجوي اعترافهم بأن بعض الصواريخ اليمنية اختارت مسارات غير تقليدية، مما كشف قيوداً في أنظمة الاعتراض، رغم الاعتماد على منظومات السهم 2 و3 الإسرائيلية المتقدمة وهي آخر وأقوى ما تملكه إسرائيل من منظومة اعتراض إضافة إلى منظومة ثاد الأمريكية المتقدمة أيضاً، وفقاً لما نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في أحد تقاريرها خلال يوليو الماضي.
وعلى الصعيد السياسي، فقد عبّر محللون إسرائيليون عن قلق داخلي حقيقي من استمرار الهجمات اليمنية، خاصة في ظل إصرار من القوات المسلحة اليمنية على التوسيع في تصعيدها ضد الاحتلال وصعوبة ردعها من قبل الكيان الإسرائيلي وبالتالي استحالة فرض تهدئة سريعة مع جبهة الإسناد اليمنية.
قرار إغلاق ميناء إيلات.. ضربة واقعية
الميناء الإسرائيلي الجنوبي الرئيسي والوحيد لم يستطع تحمل الاضطرابات التي شهدها الميناء منذ نوفمبر 2023 حتى منتصف يوليو الماضي بسبب توقف نشاط الميناء بنسبة تراوحت ما بين 95 – 98% بعد قرار الحظر الملاحي نحو الميناء من البحر الأحمر الذي فرضته القوات اليمنية دعماً وإسناداً لغزة في معركة طوفان الأقصى، وبعد تراكم مديونية الميناء وعدم وجود رؤية أو أمل في استعادة حرية الملاحة الإسرائيلية عبر البحر الاحمر وخاصة بعد الهجومين الأخيرين للقوات اليمنية اللذين استهدفا سفينتين مرتبطتين بالاحتلال بشكل غير مباشر ما أدى إلى غرقهما في يومي 6 و7 يوليو الماضي، في ظل كل ذلك قررت سلطات الاحتلال إغلاق ميناء أم الرشراش “إيلات” بالكامل اعتباراً من 20 يوليو الماضي.
وهذا الحرمان من ميناء استراتيجي تسبب بأزمة اقتصادية حادة، وأدى لارتفاع تكاليف التأمين والملاحة في السابق وحالياً أدت هجمات صنعاء الأخيرة في البحر الأحمر إلى اتخاذ شركات تأمين عالمية بما فيها أمريكية لاتخاذ قرار عدم منح السفن التي تربطها أي صلات بإسرائيل أو تتعامل مع موانئ الاحتلال أي غطاء تأميني أثناء رحلاتها التجارية لثقة هذه الشركات بأن أي سفينة داخل قائمة الحظر اليمنية ستطالها نيران اليمنيين عاجلاً أم آجلاً، هذا بالإضافة إلى الأضرار والآثار الأخرى للحصار اليمني والتي من بينها تأخير شحنات وتأجيل أخرى بما في ذلك شحنات أغذية ومعدات طبية تصل لفترات تأخير من 3 إلى 5 أشهر بسبب اضطراب الشحن نحو إسرائيل بعد الحصار اليمني وتهديدات صنعاء التي فرضتها بالقوة التي تجاوزت مجالها الجغرافي من البحر الأحمر لتصل إلى المحيط الهندي والبحر العربي وفي حالات نادرة إلى البحر الأبيض المتوسط.
انهيار مفهوم الأمن الجماعي في إسرائيل
على مستوى الأفراد: الشعور بعدم الأمان بات حاضرًا يوميًا، حتى الاستخدام الطبيعي للملاجئ أصبح مرتبطًا بالخوف والضغط النفسي، وهو ما يذكر بدراسات حول سكان “سديروت” في فترة الهجمات الفلسطينية الصاروخية في الحرب الخاطفة بين الكيان والمقاومة الفلسطينية في 2021، حيث بحسب وسائل إعلام الاحتلال عانت فئة كبيرة من المستوطنين الصهاينة من الأعراض النفسية المحتملة.
المجتمع المدني: الأطفال والشباب يعانون من انقطاع النوم، وتراجع الانخراط في الحياة الطبيعية خوفًا من الخطر اللا مرئي القادم من اليمن والذي تصاعد خلال يوليو الماضي.
أما على مستوى المؤسسات الأمنية والعسكرية: وزارة الدفاع الإسرائيلية عقدت اجتماعات متكررة لإعادة تقييم ثغرات الاعتراض الصاروخي خاصة بعد هجمات اليمن على مطار اللد المسمى “بن غوريون” التي تسببت بحظر جزئي للملاحة الجوية على الاحتلال.