“رهائن الثروة”.. تقرير بريطاني يكشف قلق شركات الشحن من تصاعد قدرات صنعاء البحرية وتغير تكتيكاتها

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

كشفت نشرة Lloyd’s List البريطانية المتخصصة في شؤون النقل البحري، أن القوات المسلحة اليمنية لم تعد تكتفي فقط بإطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ، بل باتت الدعاية والإعلام أحد أقوى الأسلحة في ترسانتها، إلى جانب تكتيكات جديدة وصفها التقرير بـ”المقلقة للغاية” لصناعة الشحن العالمية.

وجاء في تقرير الرأي الصادر أمس الأربعاء، ورصده وترجمه “المساء برس”، تحت عنوان “رهائن الثروة”، أن الهجمات الأخيرة التي أدت إلى غرق سفينتين في البحر الأحمر، وهما Magic Seas وEternity C، تشكل نقطة تحوّل في أسلوب الاستهداف، حيث أظهرت العمليات الأخيرة قدرة القوات اليمنية على تنفيذ هجمات مركزة باستخدام زوارق صغيرة وفرقة بحرية، دون الحاجة للاعتماد فقط على الصواريخ أو الطائرات المسيّرة.

قفزة في مستوى التهديدات

التقرير اعتبر أن إعلان صنعاء الأخير باستهداف أي سفينة تابعة لشركات تتعامل مع “إسرائيل”، بغض النظر عن جنسيتها، لا يغيّر جوهريًا قواعد الاشتباك السابقة، لكنه يعكس تحولًا نوعيًا في الاستراتيجية والتكتيك، وارتفاعًا في سقف الردع البحري، ما جعل كثيرًا من شركات الملاحة تتعامل مع التهديد اليمني بجدية أكبر.

وأشار رئيس تحرير النشرة، ريتشارد ميد، إلى أن الهجمات الأخيرة لم تكن عشوائية، بل كانت “متعمدة بقصد الإغراق الكامل”، ما يبرهن، بحسبه، على “امتلاك الحوثيين للقدرة الكافية لتنفيذ عمليات دقيقة، وعلى وعي تام بنقاط ضعف القطاع البحري الدولي”.

ضعف الوجود البحري الغربي

وأشار التقرير إلى ما أسماها “من بين النقاط المثيرة للقلق، هو غياب أي قوة بحرية فعالة للتدخل أو الاستجابة أثناء وقوع الهجمات”، إذ لم تكن هناك سفن قادرة على إنقاذ الطواقم أو حماية السفن المستهدفة، وهو ما يسلط الضوء على هشاشة ما تسمى “عمليات الحماية البحرية الغربية” رغم مرور أكثر من 600 يوم على بدء الأزمة.

كما أشار التقرير إلى أن الاستعداد الأمني لبعض السفن بات هزيلاً إلى حدٍ كبير، نتيجة تقليص النفقات الأمنية، حيث انخفضت تكلفة الحماية على بعض السفن من 10 آلاف دولار إلى أقل من ألف دولار، ما يجعلها أهدافاً سهلة ومغرية في مياه غير مستقرة.

احترافية ورسائل مدروسة

وأكد تقرير Lloyd’s List أن قوات صنعاء لا تتحرك فقط بدافع العمليات العسكرية، بل توظف الإعلام والدعاية السياسية كأداة مرافقة لهجماتها، مشيرًا إلى أن ظهور طواقم السفن في مقاطع فيديو بعد أسرهم يعد جزءًا من “رسائل سياسية مقصودة”، تتجاوز حدود البحر الأحمر لتصل إلى الأسواق العالمية ومراكز القرار، وهو ما تريد صنعاء تحقيقه بحيث يدفع هذا التصعيد دول العالم إلى الضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة..

وأشار التقرير إلى أن صنعاء تعرف تمامًا متى وأين تستهدف، وأن وجود سفن سبق استهدافها، أو أخرى مملوكة لنفس الشركات في ممرات الملاحة، يجعل الهجمات مسألة وقت، وليس احتمالًا نظريًا.

سياق أوسع: تحولات المعركة البحرية

منذ نوفمبر 2023، أعلنت صنعاء بدء عمليات عسكرية بحرية في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، ضمن “الرد على العدوان الإسرائيلي في غزة”، وشملت العمليات استهداف سفن تجارية مرتبطة بـ”إسرائيل”، وفرض حظر على الملاحة نحو موانئ الاحتلال، ما أحدث شللاً فعليًا في ميناء إيلات.

ورغم مشاركة البحرية الأمريكية والبريطانية في محاولات حماية السفن المرتبطة بإسرائيل، إلا أن العمليات اليمنية أثبتت فعالية غير مسبوقة في زعزعة أمن واحد من أهم الممرات الملاحية في العالم، وهو ما بات يؤثر بشكل مباشر على خطوط الإمداد وأسعار التأمين وشحن البضائع العالمية.

ويرى تقرير Lloyd’s List أن الأزمة في البحر الأحمر مرشحة للتصعيد، وأن تكتيكات صنعاء الجديدة تُظهر تفوقًا استخباراتيًا ومرونة ميدانية عالية، مقابل ارتباك واضح في الأوساط الغربية والشركات البحرية، التي لم تعد تملك حتى ترف “إنكار الخطر”.

قد يعجبك ايضا