المصالح السعودية والإماراتية والتركية والمصرية في مرمى نيران المرحلة الرابعة اليمنية من الحصار البحري على إسرائيل
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء أمس الأحد 27 يوليو 2025، بدء تنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحري على كيان الاحتلال الإسرائيلي، بتوسيع نطاق الأهداف لتشمل جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ الاحتلال، بغض النظر عن جنسيتها أو وجهتها وسواء مرت من البحر الأحمر أم عبرت من خطوط ملاحية أخرى وأن استهدافها سيتم في أي مكان تطاله يد القوات المسلحة اليمنية.
القرار اليمني يمثل تطورًا لافتًا في قواعد الاشتباك البحري، وبحسب ناشطين أثاروا النقاش على منصات التواصل الاجتماعي عقب بيان العميد يحيى سريع متحدث القوات اليمنية، ويعني عمليًا أن عشرات الشركات حول العالم قد تدخل ضمن بنك أهداف القوات المسلحة اليمنية، بما فيها شركات كبرى من السعودية والإمارات وتركيا ومصر.
“فلك الدمام”.. سفينة سعودية تدخل الخط الأحمر
وبحسب ما كتبه الناشط اليمني، علي النسي، فإن بيانات ملاحية تم رصدها عبر منصات تتبع الملاحة البحرية مفتوحة المصدر، أظهرت قيام شركة “فلك السعودية”، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة في الرياض، في 15 مايو 2025، بشراء سفينة الحاويات “Vega Coligny” التي كانت ترفع علم جزر المارشال، وتحمل الرقم IMO:9939876.
وقال النسي إن السفينة كانت قد رست في موانئ أشدود وحيفا يومي 11 و13 مايو، أي قبل يومين فقط من إعلان السعودية ضمها إلى أسطولها التجاري. لاحقًا، أعادت الشركة تسميتها إلى “فلك الدمام” وحصلت على رقم IMO:9811012 ومؤشر MMSI:354654000، إلا أن نشاطها لم يتغير، حيث استمرت في خدمة موانئ العدو الإسرائبيلي، ففي 29 مايو، رست السفينة مجددًا في ميناء أشدود، كما وصلت إلى ميناء حيفا في 10 يونيو، مُفرغةً 75 حزمة من الحديد المستخدم في الصناعات العسكرية، قادمة من الهند مرورًا بميناء بيرايوس في اليونان.
موانئ أبوظبي.. ذراع الإمارات في خدمة الاحتلال
من جهة أخرى، تواصل شركة “سيفين” التابعة لموانئ أبوظبي تقديم خدمات ملاحية مباشرة لموانئ الاحتلال، استنادًا إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات و”إسرائيل” التي دخلت حيّز التنفيذ في أبريل 2023.
وتُعد “سيفين” الذراع اللوجستي البحري الرئيسي ضمن مشروع الربط التجاري الإماراتي-الإسرائيلي، الذي تضمن تسهيلات جمركية وملاحية وتسويقًا مشتركًا.
تركيا ومصر.. خطوط إمداد نشطة لكيان الاحتلال
لا تقف قائمة الأهداف البحرية المحتملة عند السعودية والإمارات، إذ تكشف المصادر الملاحية ومنصات تتبع حركة الملاحة مفتوحة المصدر أن شركات نقل تركية نقلت خلال الأشهر الستة التي أعقبت عملية طوفان الأقصى أكثر من ألف سفينة إلى موانئ الاحتلال، بعضها محمّل بأسلحة ومواد تدخل في الصناعات العسكرية.
في السياق ذاته، تبرز شركات الشحن المصرية كأحد أهم خطوط الإمداد بين موانئ مصر والكيان الإسرائيلي، حيث تنشط بشكل رئيسي بين بورسعيد وأشدود، عبر خطوط خدمات متواصلة لم تتوقف حتى هذا اليوم رغم كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار وتجويع وحرب إبادة منذ أكثر من 21 شهراً.
خيارات خطرة أمام الرياض وأبوظبي وأنقرة والقاهرة
ويرى محللون أن التوسيع اليمني للحصار البحري يضع السعودية والإمارات وتركيا ومصر أمام خيارات حساسة؛ فإما التخلي عن النشاط البحري المرتبط بالكيان الإسرائيلي لحماية أساطيلها وسفنها التجارية، أو الاستمرار والمغامرة بخسائر كبيرة في البحر الأحمر وباب المندب وربما قد تطال هذه الخسائر مناطق أخرى بحسب ما وعدت به القوات المسلحة اليمنية بلسان متحدثها يحيى سريع بأنها ستضرب هذه السفن في أي مكان تطاله يد القوات المسلحة ما يعني أن تجنب العبور من البحر الأحمر لم يعد خياراً مضموناً لعدم التعرض للاستهداف، ففي الفترة ما بين نوفمبر 2023 حتى يناير 2025 طالت عمليات القوات المسلحة اليمنية سفناً في البحر الأبيض المتوسط كسفينة المواشي التي كانت في طريقها من أوروبا إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى استهداف العديد من في المحيط الهندي وفي الجزء الجنوبي الشرقي من ممر رأس الرجاء الصالح جنوب شرق أفريقيا ما يعني أن القوات اليمنية قادرة على استهداف حتى السفن التي ستتجنب المرور بالبحر الأحمر.
كما يضع القرار علامات استفهام حول موقف الدول الأربع، ومدى استعدادها للمجازفة بسفنها من أجل الحفاظ على علاقاتها التجارية مع الاحتلال الصهيوني رغم ما يرتكبه من مجازر في ظل تواطؤ ومساهمة غير مباشرة من قبل أنظمة هذه الدول في دعم الاحتلال الصهيوني عبر تخفيف وطأة الحصار البحري الذي فرضته القوات اليمنية عليه منذ أكتوبر 2023، كما يُطرح سؤال أهم عن مدى قدرة هذه الدول على تحدي جبهة الإسناد اليمنية في وقت لم تستطع فيه الولايات المتحدة وبريطانيا تأمين الملاحة الإسرائيلية والغربية المتورطة بدعم الاحتلال على مدى الأشهر الـ21 الماضية من عمر الحرب على قطاع غزة ورغم حملة العدوان والقصف الأمريكية التي أعلنها ترامب ولم تستطع الصمود سوى 7 أسابيع ثم انتهت بانسحاب الولايات المتحدة بعد طلب وساطة عمانية مع صنعاء للتوصل لاتفاق يقضي بوقف العمليات العسكرية الأمريكية ضد اليمن مقابل وقف صنعاء هجماتها ضد السفن الحربية الأمريكية رغم أن العدوان الأمريكي بقيادة ترامب كان هدفه استعادة الملاحة الإسرائيلية وهو ما لم يتحقق وانسحب ترامب من الحرب تاركاً إسرائيل تواجه مصيرها في مواجهة الجبهة اليمنية منفردة.
الطريق الوحيد لاحتواء التصعيد اليمني
منذ السابع من أكتوبر 2023، تبنت صنعاء موقفًا عسكريًا صريحًا بدعم المقاومة الفلسطينية، حيث شنت القوات اليمنية عشرات الهجمات البحرية والجوية على سفن ومنشآت مرتبطة بالاحتلال أو بأمريكا وبريطانيا في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب.
ومع فشل عمليات الحماية الغربية، وازدياد الخسائر، لجأت العديد من شركات الشحن إلى التراجع عن المرور عبر باب المندب. ومع كل مرحلة جديدة من الحصار، تتوسع قائمة الأهداف، في ظل عجز غربي كامل عن احتواء التصعيد اليمني الذي أثبت فاعلية غير مسبوقة في قلب موازين الحرب، والطريقة الوحيدة لاستيعاب هذا التصعيد واحتوائه أعلنها المتجدث باسم القوات اليمنية في ذات بيان إعلان التصعيد الجديد يوم أمس حين قال إن القوات اليمنية ستوقف على الفور استهداف كافة السفن فور وقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار على قطاع غزة، وهذا الهدف من السهل تحقيقه إذا ما قررت الدول المتضررة سواء في الإقليم أو على مستوى العالم استخدام كل أساليب الضغط لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ شروط صنعاء.