واشنطن استهلكت ربع مخزونها من “ثاد” في الحرب الأخيرة بين إيران و”إسرائيل”

واشنطن – المساء برس|
كشفت شبكة “سي أن أن” الأميركية أنّ الولايات المتحدة استنزفت نحو ربع مخزونها من صواريخ “ثاد” الاعتراضية المتطورة خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين “إسرائيل” وإيران في يونيو الماضي، ما كشف عن فجوة كبيرة في القدرات الدفاعية، وأثار قلقاً متصاعداً بشأن قدرة واشنطن على تعويض النقص في وقت قصير.
وبحسب الشبكة، نقلاً عن مصدرين مطلعين، فإنّ القوات الأميركية أطلقت ما بين 100 إلى 150 صاروخ “ثاد” في محاولة لاعتراض وابل من الصواريخ البالستية الإيرانية، وهي كمية تمثل جزءاً كبيراً من المخزون الأميركي. ويمتلك الجيش الأميركي سبعة أنظمة “ثاد”، شارك اثنان منها في الدفاع عن “إسرائيل” خلال المواجهة الأخيرة.
وتشير تقديرات عسكرية سابقة إلى أنّ هذا الاستهلاك الكثيف كشف ثغرة خطيرة في شبكة الدفاع الجوي الأميركي، في وقتٍ تراجع فيه الدعم الشعبي داخل الولايات المتحدة لاستمرار دعم “إسرائيل” إلى أدنى مستوياته التاريخية، وفق ما أفادت به “سي أن أن”.
وفي الوقت الذي أكّد فيه المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، كينغسلي ويلسون، أنّ الجيش الأميركي “في أقوى حالاته”، رفض الإدلاء بأي تفاصيل عن حجم المخزون “لدواعٍ أمنية”. لكنّ تقييمات استخباراتية مبكرة أفادت بأنّ الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية خلال الحرب لم تنجح في تدمير المكونات الأساسية للبرنامج النووي، بل أدت فقط إلى تعطيله مؤقتاً، وهو ما تجاهلت إدارة الرئيس الأميركي الاعتراف به علناً.
الشبكة أكدت أيضاً أنّ أنظمة “ثاد” لم تتمكن من التصدي الكامل للهجمات الإيرانية، إذ أصابت عشرات الصواريخ مدناً كبيرة في الداخل المحتل، مثل “تل أبيب”، ودمرت مباني سكنية ومنشآت عسكرية، كما لحقت أضرار بشبكة الكهرباء، وسط تقديرات بخسائر اقتصادية تتجاوز 1.8 مليار دولار، إلى جانب مقتل 29 إسرائيلياً.
وأظهر تحليل صادر عن المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي (JINSA) أنّ مجمل أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركي والإسرائيلي مجتمعة أسقطت 201 صاروخ فقط من أصل 574 صاروخاً إيرانياً أُطلقت خلال الحرب، مشيراً إلى أنّ نظام “ثاد” وحده نفّذ نحو نصف عمليات الاعتراض.
ووفق التقرير نفسه، فإنّ هذه الأرقام تعكس حجم النقص في صواريخ “آرو” لدى “إسرائيل”، كما بيّن أنّ القبة الحديدية فشلت في التعامل مع الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، كونها مصممة لاعتراض المقذوفات القصيرة.
وحذّر كاتب التقرير، آري سيكوريل، من أنّ كلاً من الولايات المتحدة و”إسرائيل” تواجهان “أزمة حقيقية” في تجديد المخزونات الدفاعية، مشيراً إلى أنّ الأمر قد يستغرق ما بين ثلاث إلى ثماني سنوات في حال استمرار معدلات الإنتاج الحالية، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة لم تنتج العام الماضي سوى 11 صاروخاً من طراز “ثاد”، بينما يُتوقع أن يبلغ عدد الصواريخ المنتجة هذا العام 12 فقط، وفق ميزانية وزارة الدفاع لعام 2026.
من جهتها، ربطت “سي أن أن” هذه التطورات بتراجع قدرة الردع الأميركي، خاصة في ظل التحديات المتصاعدة في المحيطين الهندي والهادئ أمام الصين، مشيرة إلى أنّ الاستنزاف السابق لمنظومات الدفاع الصاروخي في مواجهة هجمات اليمنيين على سفن أميركية وإسرائيلية ساهم في تعميق الأزمة الراهنة.
وقالت جينيفر كافانا، مديرة التحليل العسكري في مؤسسة “أولويات الدفاع”، إنّ واشنطن باتت أمام مفترق حاسم، مضيفة: “في السابق كان بالإمكان التغاضي عن هذه الثغرات بفضل وفرة المخزون، لكننا اليوم نواجه واقعاً مختلفاً لا يمكن إنكاره”.