باريس تكشف المستور: تقارب سوري-“إسرائيلي” برعاية أميركية في كواليس التطبيع المخزي

دمشق – المساء برس|

في خطوة وصفها مراقبون بأنها تجاوز فجّ للثوابت الوطنية وتفريط سافر بحقوق الشعب السوري، كشفت مصادر دبلوماسية لقناة “الإخبارية السورية” عن لقاء جمع وفدًا من النظام السوري مع ممثلين عن كيان الاحتلال “الإسرائيلي” في العاصمة الفرنسية باريس، بوساطة أميركية مباشرة، وذلك لمناقشة التوترات في الجنوب السوري و”إعادة فتح قنوات التواصل”.

الاجتماع الذي حاولت دمشق تغليفه بعبارات سيادية فضفاضة، جاء ليؤكد حقيقة باتت تتعزز يومًا بعد آخر: السلطة السورية الجديدة، التي أعادت تشكيل نفسها خلال سنوات الحرب، لم تعد تجد حرجًا في الجلوس وجهًا لوجه مع من دمّر، واغتال، واحتل، في مشهد تطبيعي لا يقل خيانةً عن من سبقها من أنظمة هرولت نحو الكيان.

ورغم زعم النظام أن اللقاء “لم يفضِ إلى اتفاقات”، فإن مجرد انعقاده في هذا التوقيت، ومع هذا الطرف تحديدًا، يكشف أن ما يجري لم يعد مجرد تبادل رسائل عبر أطراف ثالثة، بل انفتاح مباشر، يأتي في ظل صمت رسمي مخجل، وتواطؤ إعلامي مريب، وتغاضٍ متعمّد عن حجم الجرائم الصهيونية بحق الشعبين السوري والفلسطيني.

اللافت في فحوى اللقاء، وفق المصدر، أن الوفد السوري “شدد على سيادة سوريا ووحدة أراضيها”، في الوقت الذي كان فيه يجلس وجهاً لوجه مع ممثلي الاحتلال المتورّط حتى اللحظة في احتلال الجولان ومناطق شاسعة في الجنوب السوري، وفي دعم جماعات مسلّحة داخل الأراضي السورية، بل وقيادة عمليات عدوانية مباشرة ضد مواقع عسكرية ومدنية منذ سنوات.

وتزامن اللقاء مع استمرار خروقات كيان الاحتلال لاتفاق فضّ الاشتباك الموقع عام 1974، حيث تقدّمت قواته مؤخراً إلى نقاط جديدة جنوب البلاد، ما دفع مراقبين إلى اعتبار المحادثات محاولة لتثبيت وقائع جديدة على الأرض برضى أو صمت سوري رسمي، تحت غطاء “ضبط التوتر”.

ويبدو، وفق مراقبين، أن السلطة السورية، بدلًا من تعزيز خيار المقاومة وتفعيل أدوات الردع في الجنوب، اختارت مهادنة العدو والبحث عن تسويات تحت الطاولة، في مشهد يعكس مدى التآكل السياسي والقيمي لمن كان يرفع يومًا شعار “الممانعة”.

وبحسب المراقبين، فإن اللقاء الأخير في باريس لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي المتسارع نحو التطبيع مع الكيان، والذي تجد دمشق الجديدة نفسها فيه لاعبًا ضمنيًا، تتوارى خلف “اللقاءات الأمنية” و”الحوارات غير الرسمية”، تمهيدًا، ربما، لتطبيع معلن تنتظر اللحظة الدولية المناسبة للإفصاح عنه.

وفي الوقت الذي تسيل فيه دماء الفلسطينيين في غزة، وتسحق المدن تحت مجنزرات ودبابات الاحتلال، كان وفد من دولة يفترض أنها لا تزال في حالة حرب مع “إسرائيل”، يفاوض، وينسّق، وربما يبرم تفاهمات تخدم مصالح العدو وتقصي مشروع المقاومة.

قد يعجبك ايضا