تحليل أمريكي يدعو للتحالف مع “فصائل الإمارات” و”صومالي لاند” ضد صنعاء بالبحر الأحمر.. لكن هل ستنجو أمريكا؟

خاص – المساء برس|

دعا تحليل سياسي جديد صادر عن مؤسسة منتدى الشرق الأوسط الأمريكية إلى تحول التفكير الاستراتيجي الأمريكي تجاه التعامل مع القوات المسلحة اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني في غزة ضد حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، خاصة بعد تصاعد عمليات القوات اليمنية مؤخراً بإغراق سفينتين كسرت شركتيهما المالكة قرار حظر الملاحة نحو موانئ فلسطين المحتلة.

التحليل الذي كتبه الباحث الأمريكي مايكل روبين، وهو مسؤول سابق في البنتاغون وخبير في شؤون الشرق الأوسط، حمل عنوانًا صريحًا: “لمحاربة الحوثيين تعاونوا مع خفر السواحل في جنوب اليمن وأرض الصومال”، وهو ما يعكس – وفق مراقبين – يأسًا أمريكيًا من فعالية أدوات الضغط العسكري والدبلوماسي التي استخدمتها واشنطن طوال الفترة الماضية، وفشلها في احتواء القوة اليمنية الصاعدة.

ويدعو روبين في مقاله إلى التخلي عن ما وصفها بـ”الحلول التقليدية” التي أثبتت عدم جدواها، مشيرًا إلى أن دعم كيانات لا تحظى باعتراف دولي، مثل “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتيًا في جنوب اليمن، و”صومالي لاند” في القرن الأفريقي، قد يمثل خيارًا أكثر واقعية وفعالية في مواجهة القوات اليمنية التي تفرض حضورها في البحر الأحمر.

اعتراف أمريكي بتآكل شرعية الحكومة الموالية للتحالف

ويعترف الكاتب بأن “معضلة الحوثيين” – حسب تعبيره – لا يمكن مواجهتها من خلال الاعتماد على الحكومات “الورقية” التي تفتقد السيطرة الفعلية على الأرض، في إشارة إلى الحكومة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، والتي وصفها بأنها “لا تحكم سوى في الفنادق والغرف المغلقة”.

ويرى روبين أن الإدارة الأمريكية وقعت في فخ الاعتراف الرسمي بحكومات لا تملك سلطة حقيقية، مؤكدًا أن الوقت قد حان لتجاوز الشعارات والبحث عن شركاء أمر واقع، يمتلكون حضورًا ميدانيًا ولو كان خارج الاعتراف الدولي.

دعوة لتمويل خفر السواحل في عدن وصومالي لاند

ويقترح التحليل أن تقوم واشنطن بتمويل قوات خفر السواحل التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في مدينة عدن الخاضعة لسيطرة التحالف، وكذا تلك الموجودة في صومالي لاند، باعتبار ذلك خيارًا منخفض التكلفة وأكثر واقعية، مقارنةً بتمويل حكومة لا تملك أدوات القوة أو النفوذ على الأرض.

ويصف روبين صومالي لاند بأنها “جزيرة استقرار في محيط من الفوضى”، في محاولة لتبرير شراكة أمنية معها رغم عدم اعتراف واشنطن بها منذ إعلان انفصالها عن الصومال في تسعينيات القرن الماضي.

انقلاب في الاستراتيجية الأمريكية

ويعد هذا الطرح تحولًا كبيرًا في الخطاب الأمريكي، الذي ظل لعقود يتمسك بسياسات “وحدة اليمن” و”الشرعية الدولية”، حيث يشير المقال إلى أن صنعاء – على حد تعبيره – “لم تحكم الجنوب إلا لفترة قصيرة”، وهو تبرير واضح لمحاولة إعادة رسم التحالفات بناءً على واقع التقسيم والفوضى الذي خلفته الحرب التي تقودها واشنطن عبر أدواتها في المنطقة.

ويختتم روبين تحليله بالإشارة إلى أن هذا التوجه الجديد ليس فقط أكثر فاعلية، بل “أقل إحراجًا من الاستمرار في دعم حكومة فقدت شرعيتها الميدانية”، مؤكدًا أن صنعاء أصبحت طرفًا فارضًا للمعادلة، وأن تجاهل قدراتها العسكرية والسياسية لم يعد ممكنًا.

ما أغفله التحليل الأمريكي

على الرغم من ذلك أغفل التحليل الصادر عن المؤسسة الأمريكية، أن الأدوات المحلية التي قد يلجأ الأمريكي لاستخدامها لن تجنّب واشنطن الضربات اليمنية المضادة، لأن أي تحرك أمريكي بشكل مباشر كما حدث سابقاً أو غير مباشر عبر الأدوات والمرتزقة كما يقترح التحليل سيقابل برد يمني ليس على الأدوات ذاتها بل على المشغّل الرئيسي والممول لها وهو ما يعني فتح المواجهة من جديد مع القوات الأمريكية وضرب المصالح الأمريكية في المنطقة، وقد جرّبت واشنطن الحرب مع الجيش اليمني وانسحبت بعد فشل تحقيق أهداف عدوانها تاركة الاحتلال الإسرائيلي يواجه مصيره منفرداً أمام جبهة الإسناد اليمنية.

وتأتي هذه الدعوات بعد أكثر من 20 شهرًا من العمليات البحرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية دعمًا لفلسطين ورفضًا للعدوان الإسرائيلي على غزة، والتي نجحت في فرض معادلات ردع غير مسبوقة ضد الأساطيل الغربية في البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى تعطيل جزء كبير من حركة الشحن العالمية، وكشف هشاشة الحماية البحرية التي توفرها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة للاحتلال الإسرائيلي.

ويُنظر إلى التحول الأمريكي في التعاطي مع اليمن كعلامة على فشل الحرب الاقتصادية والعسكرية والسياسية التي شنتها واشنطن وحلفاؤها منذ 2015، والتي لم تؤدِ إلا إلى تعزيز قدرات صنعاء وتصاعد نفوذها في المعادلة الإقليمية.

قد يعجبك ايضا