عزوف عن الملاحة نحو موانئ الاحتلال الشمالية بعد ضربة إيقاف تأمين السفن المتجهة للاحتلال
شركات أمريكية وأخرى عالمية ترفض منح التغطية التأمينية للسفن التي تتعامل مع "إسرائيل" خوفاً من تحمّل قيمتها بعد التأكد من قدرة القوات اليمنية على استهدافها
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
واصلت إسرائيل مساعيها العاجلة لتوفير تغطية تأمينية للسفن المستهدفة، عقب إعلان شركة التأمين الأمريكية “ترافيلرز” عن رفضها تقديم تغطية إضافية لمخاطر الحرب، والتي تسببت بإغراق سفينة اليونانية “إترنيتي C” في البحر الأحمر. هذه الخطوة أثارت موجة توترات لدى كبار شركات الشحن، وسط توقعات بتداعيات شديدة على ميناء حيفا وسلاسل التوريد البحرية.
تداعيات إيقاف تغطية التأمين
من تداعيات إيقاف تغطية التأمين على المرتبطة بشكل غير مباشر بالاحتلال الإسرائيلي ارتفاع أقساط “مخاطر الحرب” التي قفزت في اليوم الأول لعملية القوات المسلحة اليمنية الثلاثاء الماضي في البحر الأحمر التي استهدفت السفينة “ماجيك سيز” وأغرقتها، قفزت إلى نحو 0.7% من قيمة السفينة، مقارنة بـ0.3% قبل الهجمات الأخيرة، وبحسب وكالة “رويترز” في تقرير سابق، وصلت في بعض الأحيان إلى 1% من قيمة السفينة وذلك كتغطية تأمينية لفترة عبور تمتد 7 أيام فقط، ما يضيف مئات آلاف الدولارات لكل رحلة.
بعض شركات التأمين علّقت التغطية التأمينية تمامًا عن السفن المارة عبر البحر الأحمر التي لها صلات بالموانئ المحتلة، وعلى رأس هذه الشركات، الشركة الأمريكية “ترافيلرز” وهي واحدة من شركات التأمين على السفن التي يتعامل معها الاحتلال الإسرائيلي، وكانت “ترافيلرز” قد رفضت منح السفينة “ماجيك سيز” التغطية التأمينية وذلك قبل مرورها بالبحر الأحمر بسبب ارتباط السفينة غير المباشر بالموانئ الإسرائيلية وهو ما جعل السفينة في نظر الشركة الأمريكية بأنها أصبحت داخل طائلة الأهداف اليمنية وأصبحت ضمن قائمة السفن المحظور عبورها المنطقة بسبب تردد شقيقاتها من السفن الأخرى المملوكة لنفس شركة الشحن اليونانية على الموانئ الإسرائيلية العام الماضي، ولهذا فإن استهداف القوات اليمنية للسفينة “ماجيك سيز” مثل ضربة قوية لشركة الشحن اليونانية المالكة لها لأن السفينة لم تكن حاصلة على الغطاء التأميني أثناء عبورها البحر الأحمر واستهدافها وإغراقها، وهذا الامر دفع بالعديد من شركات الشحن الدولية إلى اتخاذ قرار إيقاف تسيير رحلات بحرية إلى موانئ فلسطين المحتلة سواءً على الموانئ على البحر الأبيض المتوسط أو ميناء أم الرشراش “إيلات” على البحر الأحمر.
مخاوف أمنية واقتصادية
وبحسب موقع “ميدل ايست آي” فقد اكدت مصادر في قطاع الشحن أن “إسرائيل تواصلت مع شركات التأمين، خشية من تأثير ذلك القرار الخاص بشركة التأمين الأمريكية على حركة السفن المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بإسرائيل”. ونقلت ميدل ايست آي عن أحد الخبراء قوله إن “قرار ترافيلرز بعدم تجديد التغطية قد يؤثر بشكل كبير على ميناء حيفا”، فيما توقّع خسائر بحجم 20 مليون دولار لأصحاب السفن
تأثير التضييق على ميناء حيفا
وقال الموقع إن من المرجح أن يتجنب مشغّلو السفن التفريغ في الموانئ الإسرائيلية خوفًا من عدم الحصول على التأمين. وأوضح مسؤول في الأمن البحري: “الأمر لا يتعلق بالهجوم فقط، بل بالخوف من فقدان التغطية التأمينية”. وهو ما يعني أن التغطية التأمينية مرهونة بمدى ارتباط السفن بموانئ الاحتلال الإسرائيلي من عدمه، فالسفن التي لا تقوم بتسيير رحلات نحو موانئ الاحتلال سواءً إيلات أو حيفا أو أسدود ولا يوجد من بين شقيقاتها من السفن الأخرى التابعة لنفس شركة الملاحة أي سفينة لها ارتباط بالموانئ الإسرائيلية ففي هذه الحالة سيتم تغطية تأمين هذه السفينة أثناء عبورها البحر الأحمر، أما السفن التي لها ارتباط بموانئ الاحتلال سواءً بشكل مباشر (أو بشكل غير مباشر عبر ارتباط سفن شقيقة أخرى) ففي هذه الحالة ستمتنع شركات التأمين عن توفير الغطاء التأميني للسفينة وهو ما يعني أن أي خسارة لهذه السفينة ستتحمله شركة الشحن المالكة لها ولن تحصل على تعويض من شركة التأمين الأمر الذي يعني كارثة لشركة الشحن المخالفة لقرار الحظر اليمني المفروض على الملاحة نحو موانئ فلسطين المحتلة.
حظر ملاحي صارم.. القوات اليمنية لا تمزح
استؤنفت هجمات القوات المسلحة اليمنية في يوليو الجاري على السفن المرتبطة بشكل غير مباشر بموانئ الكيان الإسرائيلي باستهداف السفينتين “ماجيك سيز” و”إترنيتي C” اللتين حاولتا كسر الحصار المفروض على الاحتلال الإسرائيلي، وأسفرت الهجمات عن غرق السفينتين يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين ومقتل 4 بحارة من طاقم السفينة الثانية “أترنيتي سي”، وهو ما جعل شركات التأمين تثق في أن أي تأمين على أي سفينة تتعامل مع إسرائيل سيقود إلى تكبيد شركة التأمين قيمة السفينة بالبضائع التي عليها عندما يتم استهدافها وإغراقها من قبل القوات المسلحة اليمنية.
التوقعات المقبلة:
بحسب “ميدل ايست آي” نقلاً عن مصادر مطلعة في قطاع الشحن الدولي فإن شركات التأمين والمشترين “سيلجأون إلى تجنب رسو سفنهم في موانئ إسرائيلية أو المرور عبر البحر الأحمر، مما قد يؤخر حركة التجارة ويزيد تكاليف السلع وصولًا إلى المستهلكين. كما يُحتمل أن يفرض العجز التأميني تحديات استراتيجية أمام الاقتصاد الإسرائيلي في ذروة الصيف”.
وتكشف هذه الأزمة التأمينية التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي تآكل الهيمنة العسكرية الغربية في باب المندب والبحر الأحمر من جهة وحجم تأثير جبهة الإسناد اليمنية بقرار حظر الملاحة البحرية نحو موانئ فلسطين المحتلة ليس على ميناء أم الرشراش فقط بل وعلى ميناء حيفا أيضاً الذي ستواجه السفن المتوجهة إليه رفضاً لمنحها الغطاء التأميني من قبل شركات التأمين بعد قرار شركة التأمين الأمريكية رفض التغطية على السفن التي تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية مرة أخرى، وهو ما يضع مصلحة الكيان الإسرائيلي في موقف محرج على المستويين الاقتصادي والاستراتيجي، حسب مراقبين.