إزدواجية المعايير الأممية تشعل الخلاف داخل مجلس الأمن.. بين تقليص ولاية بعثة الحديدة وتجاهل جذور التصعيد في البحر الأحمر
متابعات – المساء برس|
يستعد مجلس الأمن الدولي خلال الأسبوع الجاري للتصويت على مشروعين حاسمين يتعلقان بالوضع في اليمن، وسط انقسام واضح بين الدول الأعضاء حول مستقبل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) وتعامل المنظمة الدولية مع هجمات الحوثيين المتكررة على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وصاغت المملكة المتحدة، بصفتها المعنية بالملف اليمني داخل مجلس الأمن، مشروع قرار يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لمدة ستة أشهر ونصف فقط، حتى 28 يناير 2026، وهو تقليص واضح مقارنة بالتمديدات السنوية السابقة.
يتضمن المشروع بندا جديدا يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم مراجعة شاملة قبل نهاية نوفمبر المقبل، تشمل تقييم كفاءة البعثة، وتماسكها الهيكلي، وتنسيقها مع باقي بعثات الأمم المتحدة العاملة في اليمن.
كما يشير المشروع إلى أن المجلس سيقوم بمراجعة “مجموعة خيارات” بشأن مستقبل البعثة، بما في ذلك إمكانية إنهاء مهمتها.
هذا التوجه يعكس موقف الولايات المتحدة التي أعلنت خلال جلسة الإحاطة الأخيرة في 9 يوليو أن البعثة “لم تعد مجدية”، معتبرة أن لجنة تنسيق إعادة الانتشار التابعة لها “غير فاعلة”، وأن الظروف الميدانية تجاوزت مهامها منذ سنوات.
في المقابل، أعربت روسيا عن رفضها لهذا الطرح، مؤكدة أن البعثة تلعب دورا محوريا في تعزيز الاستقرار وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن لجنة التنسيق تسهل التفاعل بين الأطراف المتحاربة، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الوضع الإنساني المتدهور.
كما تناول التقرير تأثير الغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية على محافظة الحديدة، والتي قال إنها جاءت ردا على هجمات القوات البحرية اليمنية ضد إسرائيل والسفن التجارية التابعة لها، متجاهلا أن الهجمات اليمنية ترتبط ارتباطا وثيقا بما يحدث في غزة.
بالتوازي، صاغت الولايات المتحدة واليونان مشروع قرارا منفصلا يقضي بتمديد التقارير الشهرية للأمين العام بشأن هجمات البحرية اليمنية على ما وصفها بالسفن التجارية حتى 15 يناير 2026، استناداً إلى القرار 2722 الصادر في يناير 2024.
يأتي هذا التمديد في أعقاب هجمات دامية وقعت يومي 6 و7 يوليو على سفينتي “ماجيك سيز” و”إترنيتي سي”، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص واختطاف أفراد من الطاقم، وفقا لبيان السفارة الأمريكية في اليمن.
وأعربت روسيا والصين، والجزائر عن تحفظات على القرار، وامتنعت عن التصويت على قرارات سابقة مشابهة، معتبرة أن صياغة القرار تضفي شرعية على الهجمات الغربية في اليمن، وتغفل الربط بين أزمة البحر الأحمر والصراع في غزة، وطالبت هذه الدول بإدراج لغة أكثر وضوحا تربط بين الملفين.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانز غروندبرغ، دعا صنعاء إلى وقف الهجمات التصعيدية في البحر الأحمر.
جدير بالذكر أن وزارة الخارجية في حكومة صنعاء عبرت عن رفضها تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، التي أدان فيها هجمات أنصار الله على السفن التجارية في البحر الأحمر، ووصفتها بأنها “منحازة وغير متوازنة”، معتبرة أنها تتجاهل السياق الحقيقي للتصعيد في المنطقة، وفي مقدّمته ما يحدث في قطاع غزة من انتهاكات إسرائيلية دامية بحق المدنيين.
البيان الصادر عن صنعاء اتهم غروندبرغ بـ”الانتقائية”، وأكد أن ما وصفته بـ”الرد العسكري البحري” يأتي في سياق تضامن مع القضية الفلسطينية، ورفضا لمرور سفن مرتبطة بإسرائيل عبر البحر الأحمر، مشددا على أن حرية الملاحة لا يمكن أن تستخدم كغطاء سياسي لصالح الاحتلال.
وفي السياق، يلاحظ أن تصريحات غروندبرغ تزامنت مع تقارير دولية تشكك في جدوى استمرار بعثة الحديدة، بينما تصر صنعاء على اعتبار البعثة جزءا من منظومة سياسية فقدت حياديتها، وتستخدم في تمرير أجندات غربية، لا سيما في ظل ما وصفته بـ”صمت أممي” تجاه الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية على مناطق يمنية مختلفة.
بيان صنعاء أشار أيضا إلى أن إدارة صنعاء تقيم أداء المبعوث الأممي وفقا لتعامله مع قضايا السيادة الوطنية، مؤكدة أن تجاهل العدوان الإسرائيلي على غزة وصمت المبعوث الأممي حيال المجازر يجعل إدانته لهجمات البحر الأحمر “فاقدا للمصداقية”.