واشنطن تُعيد ترتيب أولوياتها العسكرية: 1.01 تريليون دولار لـ”مواجهة الفشل” في البحر الأحمر

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

كشفت وزارة الدفاع الأمريكية في إحاطة رسمية عن أكبر ميزانية دفاعية في تاريخها الحديث، تبلغ 1.01 تريليون دولار للسنة المالية 2026، أي بزيادة 13% عن ميزانية 2025، في محاولة لاحتواء النكسة الاستراتيجية التي تعرضت لها الولايات المتحدة نتيجة فشل عملياتها في البحر الأحمر واليمن.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع خلال الإحاطة الإعلامية، التي عُقدت في 26 يونيو 2025، إن الميزانية الجديدة تعكس “إعادة تموضع استراتيجي” يضع الصواريخ الفرط صوتية، والدفاعات الجوية، والتفوق البحري على رأس الأولويات، بعد أن أثبت الواقع الميداني عجز حاملات الطائرات والأساطيل التقليدية في تأمين المصالح الأمريكية.

استثمارات هائلة في أنظمة الاعتراض: خوف من اليمن؟

25 مليار دولار خُصصت لما سماه البنتاغون “القبة الذهبية”، في محاولة لردم الثغرات الدفاعية التي كشفتها الضربات اليمنية المتكررة ضد إسرائيل، والتي شلّت مطاراتها وملاحتها الجوية، وأفشلت أنظمة الاعتراض الأمريكية مثل “باتريوت” و”حيتس”.

وتتضمن “القبة الذهبية” برامج تطوير أنظمة اعتراض فضائية وصواريخ ذكية مضادة للصواريخ الباليستية والصواريخ فرط الصوتية وصواريخ كروز، إضافة إلى أجهزة استشعار متقدمة ومنصات تحكم مركزية.

طائرات جديدة.. وهروب من الحروب التقليدية

تتجه واشنطن للتخلص التدريجي من طائرات أثبتت محدوديتها في بيئات “معادية”، مثل E-7 Wedgetail، وتركز على مقاتلات جيل سادس (F-47) بتمويل قدره 3.5 مليار دولار، في حين تم خفض عدد طائرات F-35 من 74 إلى 47 فقط.

كما ستدخل MQ-25 الخدمة كبديل لـ MQ-9 Reaper التي أثبتت ضعفها في البحر الأحمر، حيث سيتم تخصيص ميزانية خاصة لتشغيل أولى رحلات MQ-25 في 2026.

هيمنة بحرية متراجعة.. وإنفاق إنقاذي

رغم إقرار البنتاغون بتراجع الهيمنة البحرية، خُصصت 11 مليار دولار لغواصة واحدة فقط من فئة كولومبيا، و11 مليار أخرى لغواصتين من فئة فرجينيا، في ظل محاولة دعم القاعدة الصناعية البحرية الأمريكية بمبلغ إضافي 2.5 مليار دولار لتحسين الإنتاجية.

كما جرى تمويل بناء 19 سفينة جديدة، منها سفن إنزال وسفن دعم لوجستي وسفن مسيرة غير مأهولة، في مؤشر على انتقال واشنطن إلى القتال عن بعد وتخفيف الاشتباك المباشر، نتيجة فشلها في مواجهات غير متكافئة كالحرب ضد القوات اليمنية في البحر الأحمر.

قاذفات نووية وصواريخ جديدة

تتضمن الميزانية إنفاقًا هائلًا على التسليح بعيد المدى:

10.3 مليار دولار لقاذفة B-21 الشبحية

4.2 مليار دولار لصاروخ “سنتينل” النووي العابر للقارات

2 مليار دولار لصاروخ كروز SLCM-N النووي

6.5 مليار دولار لصواريخ فرط صوتية وذخائر بعيدة المدى

3.9 مليار دولار لتطوير سلاح ARRW الفرط صوتي

وتُشير هذه الأرقام إلى أن واشنطن تبتعد تدريجيًا عن الردع التقليدي وتستثمر في الحروب الجديدة التي فرضتها دول مثل اليمن وإيران.

الاستثمار في الابتكار: هروب إلى الأمام

تسعى واشنطن لتعويض فشلها التكتيكي في البحر الأحمر بالرهان على المستقبل، من خلال تخصيص 20.3 مليار دولار للبحث والتطوير في مجالات تشمل الحوسبة الكمومية، والصواريخ فرط الصوتية، والذكاء الاصطناعي العسكري، في خطوة يراها مراقبون أنها “هروب إلى الأمام” أكثر من كونها مسارًا للحل.

ميزانية الهزيمة وليست النصر

يأتي هذا التحول الكبير في بنود الإنفاق الدفاعي الأمريكي بعد فشل عمليات مثل حارس الرخاء وبوسيدون آرتشر والفارس الخشن، والتي لم تتمكن من تحجيم عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، أو منعها من استهداف العمق الإسرائيلي، رغم إنفاق تجاوز المليار دولار خلال أسبوعين فقط في مارس الماضي ثم مليارات أخرى خلال أبريل وأول أسبوع من مايو 2025.

ويقول مراقبون إن هذه الميزانية، رغم ضخامتها، تعكس تراجعاً في فعالية القوة الأمريكية التقليدية، أمام قوى أصغر تتبع استراتيجية استنزاف طويلة الأمد.

قد يعجبك ايضا