إيران تنتصر: 12 يوما غيرت معادلات الردع في الشرق الأوسط
تقرير – المساء برس.. هاشم الدرة|
بعد 12 يوما من العدوان الإسرائيلي والتصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح اليوم، وسط إجماع إقليمي ودولي على أن طهران خرجت من هذه الجولة منتصرة سياسيا وعسكريا، بعدما فرضت توقيت الهدنة، ووقعت على “الضربة الأخيرة” التي هزّت العمق الإسرائيلي.
في الساعة الأخيرة قبيل سريان وقف إطلاق النار، أطلقت إيران صلية صواريخ استهدفت مدينة بئر السبع، ما أدى إلى مقتل 6 مستوطنين وإصابة آخرين، وفق ما أعلنته خدمات الإسعاف الإسرائيلية.
هذه الضربة، التي وصفت في الإعلام العبري بـ”الطلقة الأخيرة من طهران”، كانت بمثابة الخاتمة الرمزية التي أرادت بها إيران تثبيت تفوقها في هذه الجولة.
وسائل إعلام إسرائيلية كشفت أن حكومة الاحتلال طلبت من الولايات المتحدة التدخل لوقف إطلاق النار منذ مساء أمس، في وقت كانت فيه إيران تواصل قصفها الصاروخي على أهداف استراتيجية داخل الأراضي المحتلة.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اتفاق شامل للتهدئة، بعد وساطة قطرية، في مؤشر واضح على أن تل أبيب لم تعد تملك زمام المبادرة.
كما أن عسكريين وسياسيين إسرائيليين من بينهم اللواء الإسرائيلي المتقاعد يوم توف ساميا أقرّ بأن إيران هي من “تحكمت بتوقيت وقف إطلاق النار”، مضيفا أن “إسرائيل اشترت بضع سنوات من الهدوء بسعر باهظ وبندبة لأجيال”.
أما وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان، فاعتبر أن نهاية الحرب كانت “مرة” و”نشاز”، منتقدا عدم فرض استسلام على طهران.
خلال 12 يومًا، تكبّد الكيان الصهيوني خسائر بشرية ومادية جسيمة، شملت مقتل نحو 30 شخصا وهذا ما أعلن عنه الكيان والمؤكد أن الرقم أكبر بكثير، وتضرر أكثر من 1500 منزل، وتقديرات بخسائر اقتصادية تجاوزت 28 مليار دولار.
أيضا فقد دوت صفارات الإنذار في معظم المدن الكبرى، من إيلات جنوبا إلى المطلة شمالا، ما كشف هشاشة الجبهة الداخلية، وانهيار اسطورة القبة الحديدية والأمن الإسرائيلي.
في المقابل، ورغم تعرضها لضربات أميركية وإسرائيلية، حافظت إيران على تماسكها، ونجحت في تنفيذ عملية “الوعد الصادق 3” التي قلبت موازين المعركة، فقد فرض الرد الإيراني والصمود الشعبي وقف إطلاق النار على العدو بالإكراه.
ورغم الضربات المكثفة التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي، لم ينجح العدوان في تحقيق أهدافه المعلنة، وعلى رأسها تدمير البرنامج النووي الإيراني أو زعزعة النظام السياسي في طهران.
فقد أشارت تقارير دولية إلى أن المنشآت النووية الأساسية، مثل “فوردو” و”نطنز”، لم تتأثر بشكل جوهري، فيما فشلت الهجمات في تعطيل البنية التحتية الحيوية للبرنامج النووي الإيراني.
أما الهدف الأخطر، والمتمثل في إسقاط النظام الإيراني، فقد ارتد على الاحتلال، إذ أظهرت الأيام الـ12 من الحرب تماسكا لافتا في الداخل الإيراني، حيث التف الشعب حول قيادته، وبرزت مشاهد التضامن الشعبي مع القوات المسلحة، ما عزز من شرعية النظام بدلا من تقويضه.
هذا الفشل الاستراتيجي دفع محللين إسرائيليين إلى التحذير من أن “النجاحات التكتيكية تحولت إلى عبء استراتيجي”، وأن الحرب انتهت دون تحقيق أي من أهدافها الكبرى.
انتهت الحرب، لكن نتائجها ستبقى حاضرة في معادلات الردع الإقليمي، فإيران لم تكتف بالصمود، بل خرجت من المواجهة وهي تملي شروط النهاية، وتعيد رسم خطوط الاشتباك في المنطقة.