الملاجئ.. وجه الكيان الحقيقي حين تنهار أسطورته العسكرية

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

منذ 13 يونيو 2025، ومع بدء الحرب الإسرائيلية ضد إيران، تغيّرت معالم الحياة اليومية في كيان الاحتلال المؤقت، وتحولت الملاجئ، أو ما يشبهها، إلى الملاذ الوحيد للنجاة، بعدما اجتاحت الصواريخ الإيرانية سماء المدن الإسرائيلية.

أجيال كاملة من المستوطنين الذين لم يسبق لهم خوض تجربة الحرب على الأرض باتوا اليوم يعتادون أصوات الإنذارات، والركض الهستيري كل ساعة إلى “مكان محصّن”، والذي غالبًا لا يكون أكثر من موقف سيارات أو محطة قطار.

وفي تل أبيب، المدينة التي كانت تتفاخر بتطورها، تحوّلت المجمعات التجارية تحت الأرض إلى ملاجئ جماعية مؤقتة. مجمّع “بيج فاشون” في “رامات هشارون” مثلاً، الذي كان قبلة الباحثين عن التسوق، أصبح اليوم مخزنًا للبشر الهاربين من جحيم الصواريخ. القيادة العسكرية في الكيان سمحت باستخدام طابقين سفليين منه كملاجئ طارئة.

وفي الجانب الآخر من المدينة، هناك “الملجأ النووي”، تحت محطة الحافلات المركزية في يافا المحتلة “تل أبيب”، الذي كشف تحقيق لصحيفة يديعوت أحرونوت أنه لا يصلح حتى للبقاء المؤقت، بسبب حالته المتدهورة والروائح الكريهة وبرك المجاري، ما دفع كثيرين إلى تجنّب النزول إليه رغم التهديدات الصاروخية المميتة.

أزمة النظام.. وأزمة الأخلاق

الخلل في البنية التحتية للملاجئ لم يكن مفاجئًا، لكنه ترافق مع مشاهد غير إنسانية أظهرت كيف تنهار منظومة “القيم الصهيونية” داخليًا. كبار السن لم يُؤخذوا في الحسبان ضمن خطط الطوارئ، والنساء أُبعدن عن بعض الملاجئ بسبب مرافقة حيوانات أليفة، بينما تحوّلت ملاجئ أخرى إلى مشاريع تجارية فرضت رسومًا على تشغيل أجهزة التكييف!

وفي صفد، تحوّل أحد الملاجئ إلى مدرسة دينية داخلية، رُفض فيه دخول عائلة مكوّنة من 8 أفراد، وطُلب منهم دفع 200 شيكل لتشغيل مكيف الهواء. وفي طبريا، غمرت المياه ملجأً عامًا، واضطر المستوطنون إلى التزاحم على درج المبنى بحثًا عن مأوى.

المجتمع الصهيوني في الملاجئ: صورة الانهيار

تشير التقارير الإسرائيلية إلى حالة من الصدمة الاجتماعية تعيشها فئات واسعة من المستوطنين، ليس فقط بسبب الحرب، ولكن بسبب تراجع الأخلاق والتضامن الداخلي، حيث أصبح البعض يتاجر بالملاجئ، بينما عجزت البلديات عن توفير الحد الأدنى من الحماية.

سكان أعربوا عن صدمتهم من “أنانية الناس”، وقال أحدهم: “كنت أكثر صدمة من تصرفات الجيران أكثر من صدمتي من الصاروخ الإيراني نفسه”.

من غلاف غزة إلى قلب تل أبيب

قبل هذه الحرب، كانت الملاجئ ترتبط بمناطق الحدود الشمالية والجنوبية، لكن الوضع تغيّر مع انخراط إيران في المواجهة. الهجمات المركّزة دفعت الملايين من المستوطنين المغتصبين إلى النزول تحت الأرض، في صورة تُعيد إلى الأذهان مشاهد حرب الخليج عام 1991، عندما سقطت صواريخ سكود العراقية في قلب الكيان.

لكن الفارق اليوم أن الصواريخ لا تأتي فقط من مكان واحد بل من عدة أقطار عربية وإسلامية. كما أن “الأسطورة الأمنية” للكيان بدأت تتهاوى، مع اختباء قادته في الملاجئ، وعجزهم عن وقف الهجمات المتكررة.

في بلدٍ قام على الاحتلال والهروب، يبدو أن “الملجأ” هو الشكل الأكثر واقعية لوجوده المؤقت.

العيش بين مخلفات الحمامات والمراحيض

المعاناة الأكثر للصهاينة تكمن في أن البقاء في الملاجئ بين روائح البول والبراز ومياه المجاري ليست مؤقتة كما اعتاد الصهاينة منذ بدء العدوان على غزة، بل يستمر البقاء فيها لساعات طويلة بسبب استمرار الهجمات الصاروخية المكثفة من إيران التي تُجبر المستوطنين على أخذ متاعهم اللازم للنوم داخل الملاجئ وسط المشاكل والصراخ من الأطفال والمشاجرات وبدون وجود تهوية أو إمكانية الاتصال الخارجي بسبب انقطاع التغطية هناك.

الميزة الوحيدة في ملاجئ الكيان الصهيوني هو أن البلديات قامت بتوفير أغطية مطاطية للصعود عليها والتنقل داخل الملجأ من مكان إلى آخر حيث تطفو هذه الأغطية فوق برك المجاري التي تسربت إلى الملاجئ العامة وحين تعبر داخلها هذه الأغطية المطاطية تعبر بين مخلفات المنازل والحمامات من براز وقاذورات للوصول إلى مكان جاف لم تصله مياه المجاري للمكوث فيه حتى انتهاء موجة القصف الصاروخية.

قد يعجبك ايضا