تحليل: العدوان على إيران.. اصطناع انتصار وهمي لإنقاذ نتنياهو من الغرق

خاص – المساء برس| تحليل: يحيى محمد الشرفي|

شنّت الولايات المتحدة عدوانًا جويًا محدودًا على إيران فجر الأحد 22 يونيو، استهدف منشآت نووية في مناطق فوردو ونطنز وأصفهان. ورغم التصعيد الدعائي الذي سبق الضربة وتلاه، اتضح سريعًا أن العدوان الأمريكي لم يكن سوى عملية رمزية إعلامية استعراضية، هدفها الحقيقي اصطناع انتصار أمريكي سريع ومؤقت لإنقاذ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من الغرق السياسي والعسكري، والتخفيف من حدة الضغط الصهيوني على إدارة ترمب.

قاذفات B2 والجبال فقط!

وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت أنها استخدمت 12 قاذفة استراتيجية من طراز B2 محملة بقنابل خارقة للتحصينات، زاعمةً أنها دمرت المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض. وسارع الرئيس السابق دونالد ترمب إلى نشر تغريدة على منصته، قال فيها إنه “قضى على البرنامج النووي الإيراني”، في مشهد بدا وكأنه محاولة لتكرار سيناريو قصف مفاعل تموز العراقي عام 1981.

لكن الحقيقة سرعان ما ظهرت: المفاعلات النووية لم تتعرض لأي ضرر حقيقي. الصور الفضائية أكدت أن الضربات الأمريكية أحدثت فتحات في الجبال التي تحيط بالمفاعلات فقط، دون أن تخترق التحصينات أو تؤثر على محتوى المنشآت التي كانت قد نُقلت مسبقًا إلى أماكن آمنة، وفق تصريحات عضو لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني، إسماعيل كوثري.

ترمب يتقمص دور البطل أمام “اللوبي الصهيوني”

محللون سياسيون اعتبروا أن العملية العسكرية كانت مسرحية متفق عليها مسبقًا، هدفها إخراج ترمب من زاوية الحرج أمام جماعات الضغط اليهودية في واشنطن، التي تضغط عليه منذ أسبوع لدعم إسرائيل عسكريًا أمام إيران. وقال عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، إن الإدارة الأمريكية باتت أسيرة تامة لقرارات نتنياهو، لدرجة أنها شنت حربًا من أجل إخراجه من مأزقه.

وبحسب التقديرات، فإن إيران كانت قد توقعت هذه الضربة الرمزية منذ أيام، ونقلت المعدات والمواد النووية الحساسة إلى مواقع أكثر تحصينًا، وهو ما جعل القصف الأمريكي يطال فقط الهياكل الخرسانية وأغلفة الجبال دون أن يؤثر على جوهر البرنامج النووي.

تل أبيب تتلقى الرد.. وترمب يُكذّب نفسه

المثير أن الضربة الأمريكية أعقبها إعلان ترمب بأن “إسرائيل الآن آمنة”، لكن بعد ساعات فقط، شنت إيران الموجة الـ20 من عمليات “الوعد الصادق 3” التي حملت ردًا صاروخيًا هو الأعنف من نوعه. استخدمت إيران خلاله 40 صاروخًا بعيد المدى من أجيال جديدة تحمل رؤوسًا متعددة وموجهة عن بعد، مستهدفة مطار بن غوريون، ومراكز القيادة البديلة، ومركز الأبحاث البيولوجية في الكيان.

الاحتلال الإسرائيلي حاول فرض تعتيم شامل لدرجة أنه احتجز المراسلين الصحفيين، لكنه لم يتمكن من منع تسرب مشاهد التدمير التي طالت تل أبيب وحيفا، ما نسف كليًا رواية ترمب وفضح هشاشة المزاعم الأمريكية حول “ضمان أمن إسرائيل”.

ناقلة تهرب، والاحتلال يترنّح

وعلى وقع العدوان، أعلنت ناقلة النفط البريطانية “كوهزان مارو” تغيير مسارها والهرب جنوبًا في مضيق هرمز، في إشارة إلى دخول مضيق هرمز مرحلة جديدة من التعقيد العسكري. أما الحكومة الإيرانية فأكدت أن سكان المناطق المحيطة بالمفاعلات لم يتعرضوا لأي خطر، ويمكنهم مواصلة حياتهم بثقة.

هجوم استعراضي ونتائج عكسية

يؤكد هذا العدوان أن واشنطن لم تجرؤ على شن حرب حقيقية على إيران، بل نفذت “مسرحية قصف” لتسجيل نصر وهمي أمام الرأي العام الأمريكي والصهيوني، وذلك بعد فشل ترامب وإسرائيل في إجبار إيران طوال الأسابيع الماضية على التنازل عن برنامجها النووي السلمي. لكن هذه المناورة سرعان ما ارتدت سلبًا، فبدل أن تُرهب طهران، أطلقت إيران واحدة من أعنف موجات الرد الصاروخي حتى الآن، فيما ظهر نتنياهو أكثر عجزًا، وترمب أكثر تضليلاً.

وهكذا، فإن العدوان الأمريكي لم يغير شيئًا من الواقع، سوى أنه فضح المزيد من هشاشة القوة الأمريكية أمام الرأي العام العالمي، وأظهر إلى أي مدى باتت واشنطن رهينة لتوجيهات تل أبيب.

قد يعجبك ايضا