إيران تضرب مركز القيادة الأمريكي الأهم في الشرق الأوسط “العديد”: ما دور هذه القاعدة؟

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

ردًا على العدوان الأمريكي المتصاعد في المنطقة، وجّهت إيران صفعة مباشرة إلى عصب القيادة الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط، بقصفها لقاعدة العديد الجوية في قطر، والتي تعد أبرز وأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة.

تقع القاعدة في عمق الصحراء القطرية، وتستضيف مركز العمليات الجوية المشتركة (CAOC)، الذي يشرف على جميع العمليات الجوية ضمن نطاق القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، الممتد من البحر الأحمر إلى أفغانستان، ومن سوريا إلى الحدود التركية.

مركز قيادة العدوان: من اليمن إلى غزة

منذ 7 أكتوبر 2023، تحوّل هذا المركز إلى المحرّك الرئيسي للعدوان الجوي الأمريكي على المنطقة، حيث أشرف على الضربات ضد مواقع للمقاومة في العراق وسوريا واليمن، مستخدمًا الطائرات المقاتلة المأهولة والمسيرات الهجومية وصواريخ توماهوك.

وكانت الهجمات تستهدف بدرجة أساسية جبهات الإسناد الاستراتيجية للمقاومة الفلسطينية في غزة، في إطار الدور المباشر الذي لعبته واشنطن في دعم آلة الحرب الإسرائيلية، وتوفير الغطاء الجوي والسيبراني والسياسي لها.

لماذا قاعدة العديد تحديدًا؟

الهجوم الإيراني على قاعدة العديد لم يكن عشوائيًا أو رمزيًا، بل جاء في صلب الرد الاستراتيجي. فالقاعدة تضم أيضًا المقر الأمامي للقيادة المركزية الأمريكية، بالإضافة إلى قيادات القوات الجوية المركزية، والقوات الفضائية، وقوات العمليات الخاصة الأمريكية.

كما يُعتبر مركز العمليات الجوية المركزية قلب منظومة القيادة والتحكم الأمريكية، حسب تصريحات قائد القوات الجوية المركزية الأمريكية الفريق أول أليكسوس جي. جرينكويش، الذي أكد أن هذا المركز هو “ما يربط الولايات المتحدة بشركائها العرب والأوروبيين ضد خصمهم المشترك إيران وشركائها”.

بمعنى آخر، فإن هذه القاعدة تمثل “غرفة التحكّم المركزية” للهجمات التي تُشن على دول محور المقاومة “المحور الفلسطيني”، وهي أيضًا القناة التنسيقية بين أمريكا ودول الخليج والاحتلال الإسرائيلي.

الهجوم الإيراني: رسائل استراتيجية

ضرب قاعدة العديد، بصرف النظر عن حجم الخسائر، يمثل تحوّلًا كبيرًا في معادلة الردع. فلأول مرة، تتعرض القاعدة الأهم في الشبكة العسكرية الأمريكية لضربة مباشرة من دولة، في سياق صراع إقليمي مفتوح، علماً أن هذه ليست المرة الأولى التي تُضرب فيها قاعدة أمريكية في المنطقة من قبل دولة عربية أو إسلامية، إذ كانت القوات المسلحة اليمنية هي أول جيش عربي يقوم بضرب قاعدة أمريكية، ففي ٢٤ يناير ٢٠٢٢ أطلقت القوات اليمنية صاروخين باليستيين على قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات والتي تستخدمها القوات الأمريكية ضمن القواعد الأخرى المنتشرة في المنطقة، وتلى هذا الهجوم هجمات متقطعة للمقاومة العراقية خلال عملياتها الإسنادية للمقاومة الفلسطينية في غزة ضد العدو الإسرائيلي وحليفه الأمريكي.

الرسالة الإيرانية واضحة: القواعد التي تدير العدوان الأمريكي لن تبقى بمنأى عن النيران، وأن الرد لم يعد محصورًا في أطراف المعركة، بل قد يصل إلى مراكز القيادة في العمق الخليجي.

قاعدة العديد.. غرفة التحكم بحروب واشنطن في المنطقة

منذ مطلع الألفية الثالثة، استخدمت الولايات المتحدة قاعدة العديد كقاعدة انطلاق لكل حروبها الجوية في المنطقة، من غزو العراق عام 2003 إلى العمليات ضد سوريا واليمن وحتى عمليات الاستطلاع في إيران.

وتكتسب القاعدة أهمية قصوى، إذ لا يقتصر دورها على العمليات التكتيكية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى إدارة التحالفات، وإعطاء التوجيهات للقوات الحليفة، ومراقبة تحركات الخصوم مثل إيران وروسيا وحتى الصين.

ومنذ تصاعد المواجهة في غزة، بات مركز العمليات في العديد يراقب عن كثب تحركات جبهات المقاومة في اليمن والعراق ولبنان، ويحافظ على “عين حذرة” – كما تقول المجلة الأمريكية – على الطائرات الحربية الروسية في سوريا، وسط اتهامات بمضايقتها للطائرات الأمريكية وحتى القوات البرية.

التصعيد الإيراني: كسر هيبة أمريكا في العمق الخليجي

بضرب قاعدة العديد، تكون إيران قد فتحت الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة: حيث لم تعد قواعد أمريكا في الخليج خطوطًا حمراء. وهذه الخطوة تضع شركاء واشنطن الخليجيين أمام معادلة غير مسبوقة: إما القبول بمخاطر التورط في الحرب، أو مراجعة سياسات الاصطفاف خلف واشنطن وتل أبيب.

في المقابل، يبدو أن واشنطن تجد نفسها عاجزة عن حماية حتى أهم أصولها العسكرية في المنطقة، بينما تتساقط أوراق هيبتها الواحدة تلو الأخرى، من البحر الأحمر إلى بغداد، ومن صنعاء إلى العمق القطري.

قد يعجبك ايضا