استراتيجية إيران: استنزاف الكيان الصهيوني اقتصاديًا وعسكريًا حتى الانهيار

المساء برس – تحليل خاص|

“القوات المسلحة ستُفقِر النظام الصهيوني الخبيث”… عبارة وردت في خطاب المرشد الأعلى الإيراني السيد علي الخامنئي، قد تبدو للوهلة الأولى كجزء عابر من خطابه السياسي، لكنها في الواقع تعبّر عن جوهر الاستراتيجية الإيرانية في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأمريكي المستمر على طهران.

خسائر مالية كارثية يومية

تشير التقديرات إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يخسر يوميًا ما يزيد عن 725 مليون دولار من ميزانيته العسكرية بسبب الحرب المستمرة، وفي بعض الأيام قفزت هذه الخسائر إلى 1.45 مليار دولار تشمل تكاليف الدفاع والهجوم معًا، ما يشكّل عبئًا اقتصاديًا غير مسبوق على ميزانية الدولة العبرية.

نزيف اقتصادي متسارع

بحسب التقارير الاقتصادية، فإن أكثر من 46 ألف شركة إسرائيلية أغلقت أبوابها منذ السابع من أكتوبر، بينما يعاني الاقتصاد من شلل شبه كامل خلال المواجهة مع إيران، مع انضمام عشرات الآلاف من الموظفين إلى قوات الاحتياط وتوقف معظم خطوط الإنتاج، ما انعكس بشكل مباشر على معدلات النمو.

صدمة أسعار النفط والتضخم الداخلي

أدى التوتر بين إيرانوالكيان الصهيوني إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا، ما تسبب في موجة غلاء داخل كيان الاحتلال:

ارتفعت أسعار الوقود.

تضاعفت أسعار السلع الأساسية.

ارتفعت توقعات التضخم بشكل مقلق.

ويقول محللون اقتصاديون إن استمرار الحرب قد يُدخل “إسرائيل” في ركود اقتصادي حاد، إذ لم تعد المعركة تُخاض في الميدان فقط، بل في الجيوب أيضًا.

تضرر الملاحة والتأمين في البحر الأحمر

الحرب التي امتدت إلى البحر الأحمر ومضيق باب المندب أثّرت بشكل كبير على حركة الملاحة، خاصة للشركات الإسرائيلية التي باتت تواجه صعوبات حقيقية في التصدير والاستيراد. الصواريخ اليمنية، ورسائل التحذير لطيران العدو والشركات الأجنبية، أفرزت نتائج فورية على مستوى قطاع النقل البحري والجوي.

واشنطن تتدخل لإنقاذ “إسرائيل” من الانهيار

وتكشف هذه المعطيات السبب خلف التدخل الأمريكي العاجل في الصراع، إذ ترى واشنطن أن استمرار المعركة بالشكل الذي تقوده طهران سيفضي إلى استنزاف حاد في قدرات الكيان، ما قد يغيّر التوازن الاستراتيجي في المنطقة.

وتأمل حكومة الاحتلال في أن يؤدي وصول ترامب مجددًا إلى السلطة إلى تقصير أمد المواجهة مع إيران، وتحقيق انتصار سريع، ما يساعدها على استعادة التوازن الاقتصادي والعسكري.

مؤشرات خطيرة من الداخل الصهيوني

وفق صحيفة وول ستريت جورنال، فإن مخزون الصواريخ الدفاعية للكيان يتناقص، ما يعني أن استمرار الهجمات الإيرانية سيؤدي إلى انهيار شبكة الحماية الجوية، خصوصًا أن تجديد المخزون يعتمد على واردات عسكرية أمريكية باهظة الكلفة.

إيران تُبقي الخليج هادئًا وتحاصر الاقتصاد الصهيوني

بالمقابل، حافظت إيران على استقرار الوضع في الخليج، حيث لم تغلق مضيق هرمز، بل فرضت إجراءات طوارئ على السفن العابرة، ما حافظ على تدفق النفط الإيراني واستقرار حركة الملاحة دون تأثير على اقتصادها.

ويعتمد الاقتصاد الإيراني أساسًا على الموارد الطبيعية، كما أنه متعايش منذ عقود مع العقوبات، بينما يعتمد اقتصاد الاحتلال على التجارة والخدمات والبنوك، ما يجعله أكثر هشاشة في ظل التوترات المستمرة.

السيناريوهات المحتملة

ويرى المراقبون أن مستقبل الصراع يتوقف على طبيعة التصعيد في الأسابيع القادمة، ويُرسم وفق 3 سيناريوهات:

1. حرب قصيرة محدودة: تعني تراجع أسعار النفط واستقرار الأسواق نسبيًا.

2. نزاع طويل/حرب بالوكالة: تؤدي إلى تضخم مستدام، عجز في الميزانية، وأزمات ديون داخل. الاحتلال الإسرائيلي.

3. تصعيد خطير (مثل إغلاق مضيق هرمز): سيقود إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة تتجاوز 50%، وربما يدخل العالم في ركود اقتصادي كبير.

ويأتي هذا التطور الخطير بعد تورط الكيان الصهيوني في عدوان ضد إيران دفع الأخيرة للرد بانتقام قاسٍ لم تكن إسرائيل تتوقعه، وهذا التطور يأتي بعد نحو 20 شهرًا من الحرب المستمرة في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث تشكلت جبهة مقاومة متعددة الأذرع تهدف إلى كسر الهيمنة الأمريكية – الإسرائيلية في المنطقة بعد العدوان الصهيوني على غزة بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ للمقاومة الفلسطينية والتي أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة عالمياً.

وقد أعلنت صنعاء منذ أكتوبر 2023 انخراطها في معركة “طوفان الأقصى” عبر استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيل حركة الملاحة، وفرض معادلات جديدة أربكت التحالف الأمريكي البريطاني.

كل هذه العوامل تدفع باتجاه مزيد من الضغوط على كيان الاحتلال وتضع الولايات المتحدة أمام تحدٍ استراتيجي يتجاوز قدرة الاستجابة السريعة، خاصة مع وجود إرادة واضحة لدى محور المقاومة لإطالة أمد المعركة واستنزاف العدو سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

قد يعجبك ايضا