هروب المستوطنين من فلسطين المحتلة عبر البحر.. خوف وانهيار ثقة بالكيان

تقرير خاص – المساء برس|

وسط تصاعد التوترات الإقليمية والضربات الإيرانية المكثفة التي طالت عمق الكيان الصهيوني، تكشف تقارير عبرية عن واحدة من أخطر الظواهر التي تهدد تماسك الجبهة الداخلية للاحتلال: هروب المستوطنين عبر البحر إلى قبرص، في مشهد يُعيد إلى الأذهان لحظات الانهيار في الحروب الكبرى.

وكشفت صحيفة “هآرتس” أن المئات من المستوطنين بدأوا بالفعل مغادرة الأراضي المحتلة خلسة، مستخدمين يخوتًا خاصة انطلقت من مراسي مدن كـ”هرتسيليا”، و”أشكلون”، و”حيفا”، باتجاه قبرص، دون أي تنسيق رسمي، وبتكلفة تصل إلى 6 آلاف شيكل للفرد.

الصحيفة العبرية أشارت إلى تنسيق يجري عبر مجموعات مغلقة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُنظَّم الرحلات بسرية تامة بعيداً عن أعين الرقابة. كثيرون من المشاركين يرفضون الكشف عن هويتهم، بينما يعترف آخرون صراحة بأنهم “يهربون من الصواريخ الإيرانية”، ويفضلون حياة الشتات على البقاء في كيان بات “في مرمى الخطر”.

مشاهد المراسي وقد غصّت بالمغادرين صباحاً، بحقائب صغيرة ووجوه متوترة، ترسم لوحة انهيار ثقة نادرة في تاريخ الكيان. مراسل الصحيفة رصد أكثر من 100 مستوطن يستعدون للمغادرة في صباح واحد فقط، فيما فشلت سلطات الاحتلال في تقديم أي تقدير رسمي لحجم الظاهرة.

وفي خطوة تعكس الهلع المتصاعد داخل الدوائر الرسمية، أصدرت حكومة الاحتلال قرارًا يمنع المستوطنين من استخدام الرحلات الجوية المخصصة لإجلاء الإسرائيليين من الخارج، بعد تحذير واضح من القوات المسلحة الإيرانية دعت فيه المستوطنين إلى مغادرة الأراضي المحتلة “إن أرادوا النجاة”.

وبحسب مراقبين، فإن هذا القرار يحمل أكثر من دلالة:

– محاولة لمنع مشاهد الهروب الجماعي التي قد تُحدث أزمة ثقة جماعية داخل الكيان.

– الخشية من انهيار منظومة النقل في حال تدفقت الأعداد دون تنظيم.

– سعي حثيث للسيطرة على المشهد الإعلامي ومنع تصوير لحظات الذعر التي قد تهز صورة “إسرائيل القوية”.

الصحيفة نقلت شهادات عن مستوطنين قرروا عدم العودة نهائيًا. أحدهم قال إنه سيتوجه إلى البرتغال بعد أن طلبت منه شريكته هناك “الفرار من إسرائيل فورًا”. مستوطنون آخرون، علقوا في الداخل، استقلوا القوارب بحثًا عن أي طريق للخروج، حتى دون تأمين قانوني أو ترخيص رسمي، ما دفع بعض القباطنة لرفض الإبحار رغم العروض المغرية، بسبب المخاطر.

التسارع في هذه الظاهرة جاء بالتزامن مع العدوان الذي أطلقه الاحتلال ضد إيران تحت اسم “شعب كالأسد”، والذي أدى إلى مقتل قادة في الحرس الثوري الإيراني واستهداف منشآت نووية ومقار عسكرية. لكن الرد الإيراني كان قاسيًا، إذ أمطرت الصواريخ والمسيرات أهداف الاحتلال من أقصاه إلى أقصاه، واستهدفت بنى تحتية حساسة، كمصفاة نفط، ومقر وزارة الحرب، ومعهد وايزمان.

هذا التصعيد قلب المعادلة، إذ بات عمق الكيان مكشوفًا بشكل لم يسبق له مثيل، فاستفاق المستوطنون على حقيقة أن لا ملاذ آمناً حتى في “تل أبيب” أو “هرتسيليا”، وأن “قبة الاحتلال الحديدية” قد لا تحميهم من موجة نيران قادمة.

ويقدّر عدد الإسرائيليين الموجودين خارج الكيان الآن بنحو 100 ألف إلى 200 ألف شخص، يحتاجون إلى رحلات إجلاء عاجلة، لكن الجيش أعلن أن الرحلات لن تنطلق قبل يوم الخميس بسبب استمرار إطلاق النار، ما يتركهم عالقين بلا أفق.

وفي الداخل، ترصد أولى ملامح تفكك منظومة الثقة: مستوطنون يهربون، الطائرات لا تقلع، البحر صار مخرجًا، والبرّ بات محاصرًا بالرعب.

قد يعجبك ايضا