الاقتصاد الإسرائيلي ينزف بصمت.. كلفة الدفاع تفضح هشاشة الاحتلال أمام حرب الاستنزاف
فلسطين المحتلة – المساء برس|
في زحمة التصريحات العسكرية والغارات المتبادلة بين إيران و”إسرائيل”، يغيب عن المشهد العام وجهٌ آخر للصراع الدائر؛ وجه اقتصادي دام بدأت ملامحه تتجلى في عمق بنية الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يبدو في طريقه إلى التآكل تحت وطأة الاستنزاف المستمر.
فعلى الرغم من محاولات الإعلام العبري تسويق مشهد “صمود الشيكل” وهدوء البورصة، تخفي الأرقام الرسمية المتداولة في أروقة وزارة حرب الاحتلال واقعاً مريراً، عنوانه: نزيف مالي لا يرحم.
1.3 مليار دولار في ليلة واحدة
بحسب تقديرات خبراء ماليين وعسكريين لوسائل إعلام عبرية، فإن التكلفة المباشرة لاعتراض الهجمات الإيرانية التي طالت عمق الكيان، تجاوزت 5 مليارات شيكل، أي ما يعادل 1.3 مليار دولار خلال ليلة واحدة فقط.
وتشمل هذه الكلفة:
– تشغيل عشرات الطائرات الحربية لساعات متواصلة في الأجواء.
– استخدام منظومات اعتراضية باهظة، مثل:
– صواريخ “آرو”: تبلغ تكلفة الواحد منها نحو 3.5 مليون دولار.
– صواريخ “مقلاع داوود”: يصل سعر الواحد إلى مليون دولار.
هذه الأرقام تعني ببساطة أن الاحتلال يُستنزف في كل مرة يضغط فيها خصومه على الزر، حتى دون تحقيق إصابات مباشرة.
استنزاف طويل الأمد
المأزق المالي لا يقتصر على الكلفة المباشرة للردع، بل يمتد إلى الأعباء الخفية التي ترافق حالة الطوارئ:
– استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط، ما شلّ قطاعات اقتصادية كبرى مثل التكنولوجيا والابتكار.
– تعطيل قطاع السياحة وهبوط ثقة المستهلك الإسرائيلي.
– تراجع الحركة التجارية، وتزايد مخاطر الإغلاق في شركات صغيرة ومتوسطة الحجم.
ويحذر محللون من أن كل يوم إضافي في هذه الحرب يضيف عشرات ملايين الدولارات إلى الفاتورة اليومية، في وقت يعاني فيه الاحتلال أصلاً من عجز مالي مزمن.
وهم “الشيكل القوي”
وفي مفارقة لافتة، عاد الشيكل الإسرائيلي للارتفاع إلى 3.54 مقابل الدولار بعد تراجع مؤقت إلى 3.79، كما سجّل مؤشر TA-35 ارتفاعاً طفيفاً.
لكن هذا “الصمود” ليس إلا وهماً مدعوماً بتدخلات سريعة من بنك الاحتلال المركزي، إضافة إلى رهانات قصيرة الأمد من المستثمرين على كفاءة أنظمة الدفاع الجوي.
غير أن الحقيقة التي يخفيها هذا الغلاف النقدي هي أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه ضغطاً غير مسبوق على المدى البعيد، وسط غياب رؤية واضحة للخروج من دوامة الاستنزاف.
طهران بأقل التكاليف تنهك عدوها
في المقابل، يعاني الاقتصاد الإيراني من انهيار في قيمة الريال الذي فقد أكثر من 13% من قيمته خلال أيام. لكن طهران، رغم الحصار والعقوبات، تظهر قدرة لافتة على إدارة المعركة بأسلوب الحرب اللامتكافئة:
– استخدام صواريخ دقيقة ومسيّرات بكلفة محدودة.
– استهداف البنية الاقتصادية للاحتلال (الطاقة، الموانئ، المطارات).
– تركيز الضربات في عمق الكيان، ما يخلق أزمات سياسية واقتصادية.
وبحسب مراقبين، فإن الاحتلال الذي يفاخر بمنظومات دفاعه الجوية يُدفع اليوم إلى هاوية مالية، لا بفعل دمار مباشر، بل من خلال نزيف مستمر ومتراكم يجعل كل يوم في الحرب عبئاً لا يمكن تعويضه.
ومع استمرار إيران في تنفيذ استراتيجية “الضرر الأقل للكلفة الأعلى”، تتضح معادلة جديدة: أي صاروخ يُطلق من طهران ولا يصيب هدفًا في عمق الاحتلال، فإنه يُسقط ملايين الدولارات من خزينة الاحتلال ويزيد من كلفة الحرب ويسرّع من انهيار اقتصاده.