بين رفاهية نتنياهو وبؤس جنوده.. الفساد يعمّق أزمة الاحتلال ويقرّب سقوطه
فلسطين المحتلة – المساء برس|
في تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، الجمعة الماضية، سلّطت الضوء على الهوة العميقة التي تتسع داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي بين الترف الشخصي لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وبين المعاناة التي يعيشها الجنود الإسرائيليون على جبهات القتال في قطاع غزة. فجوة وصفتها الصحيفة بأنها قد تُسرّع بنهاية عهد نتنياهو وسط اشتداد الضغط الداخلي والخارجي عليه.
وقالت الصحيفة إن مقابلات أُجريت مع قوات قتالية منتشرة في غزة أظهرت حالة من الإرهاق النفسي والجسدي الشديد، وشعورًا متزايدًا بالعبثية والغموض حيال المهام الموكلة لهم، لا سيما أن أغلبها يدور حول تدمير المباني دون هدف واضح، وهو ما جعل كثيرًا من الجنود – خصوصًا من لا ينتمون أيديولوجيًا لليمين – يعيدون النظر في مشاركتهم بالحرب.
وتابعت “هآرتس” أن بعض الجنود يرفضون العودة إلى جبهات القتال، ما أدى إلى إحالة بعضهم إلى السجون العسكرية أو للعلاج النفسي، بينما يواجه جنود الاحتياط، خصوصًا بعد تمديد خدمتهم، ضغطًا نفسيًا متصاعدًا، ما قد يؤدي إلى نقطة انهيار جماعية، حسب وصف الصحيفة.
في هذا السياق، ربطت الصحيفة الإسرائيلية بين ما يحدث في غزة وما جرى للجيش الأميركي في فيتنام، مستشهدة بكلام وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري عندما تساءل: “كيف تطلب من رجل أن يكون آخر من يموت بسبب خطأ؟” – وهي مقارنة تعكس عمق الأزمة الأخلاقية والسياسية التي يعيشها الاحتلال.
وفي خضم مقتل جنود إسرائيليين مؤخرًا، أظهر نتنياهو انفصالًا تامًا عن الواقع، حيث نشر مقطع تعزية بدا وكأنه من إنتاج الذكاء الاصطناعي، بينما كان في الوقت نفسه يخضع لتحقيقات تتعلق بتهم فساد تشمل تلقي هدايا فاخرة كالسيجار والشمبانيا ورحلات طيران فارهة.
وأضاف التقرير أن هذا التنافر الصارخ بين معاناة الجنود في الميدان وفساد القيادة السياسية بات يضعف الرواية الرسمية بأن الحرب “عادلة” أو “ضرورية”، ويطرح تساؤلات داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وسط تصاعد الغضب من العزلة الدولية التي تعاني منها “إسرائيل”، والعقوبات التي تلوح في الأفق، بالإضافة إلى الشلل السياسي والمؤسسي الذي أصاب أجهزة الدولة.
وفي موازاة ذلك، تزداد الفوضى الداخلية مع انتشار عنف المستوطنين في الضفة الغربية بتواطؤ من الجيش، وجولات استفزازية لوزير الأمن القومي المتطرف إيتامار بن غفير في تل أبيب لملاحقة أطفال أفارقة في الحدائق العامة، بينما تتضاعف معاناة الإسرائيليين العاديين بفعل ارتفاع أسعار السفر نتيجة الحصار البحري والجوي الذي تفرضه القوات اليمنية على “إسرائيل” ومصالحها في المنطقة.
أما على مستوى جهاز “الشاباك”، فتكشف الصحيفة عن صراع قانوني ومؤسسي خطير بشأن تعيين رئيس جديد للجهاز، حيث تجاهل نتنياهو الإجراءات القانونية وقام بتعيين ديفيد زيني المقرب منه رغم اعتراضات المدعي العام ورئيس المحكمة العليا السابق. هذا الصراع يعكس كيف أصبح الولاء الشخصي لنتنياهو المعيار الوحيد في مؤسسات الدولة.
خلاصة المشهد كما ترسمه “هآرتس”، هو أن “إسرائيل” تحارب على جبهات متعددة، بينما تغرق في أزمة قيادة وشرعية خانقة، ويبدو أن شعبها – كما جيوشها – بدأ يفقد صبره. فبين فساد القادة ودماء الجنود، تتجه “إسرائيل” نحو مرحلة حرجة قد تكون بداية نهاية الحقبة النتنياهوية، وربما ما هو أبعد من ذلك.