الموت جوعاً.. جريمة الاحتلال التي تواجهها صنعاء بالحصار المضاد
تقرير- المساء برس.. هاشم الدرة |
في ظل مشهد إنساني مروع ومأساوي اعلنت الامم المتحدة أن غزة تواجه اسوأ أزمة غذائية في العصر الحديث حيث يعيش اكثر من مليوني فلسطيني في جوع شديد بينما يواجه نصف مليون شخص خطر الموت جوعا ومع استمرار العدوان الصهيوني لم يعد الحصار مجرد اجراء عسكري بل تحول الى سلاح قاتل يستخدم لخنق شعب بأكمله في ظل صمت دولي مطبق ودعم امريكي مستمر.
العدوان الصهيوني واستخدام الحصار كسلاح
منذ سنوات يستخدم الاحتلال الصهيوني الحصار المفروض على غزة كأداة ضغط سياسي وعسكري ضد حركة حماس وسكان القطاع، وتصريحات مسؤولين اسرائيليين أكدت أن الحصار ليس مجرد إجراء أمني بل وسيلة لإضعاف المقاومة الفلسطينية وإجبارها على تقديم تنازلات سياسية.
وفقا لتقرير برنامج الاغذية العالمي فإن مليوني شخص من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بينما يواجه ثلاثمائة وخمسة واربعين ألف شخص جوعا كارثيا وهو أعلى مستوى للجوع في التصنيف العالمي.
في الاشهر الأخيرة تصاعدت الهجمات العسكرية على غزة ما أدى الى تدمير البنية التحتية ومنع وصول الإمدادات الأساسية بما في ذلك الغذاء والدواء كما أن القيود المفروصة على المعابر أدت الى انهيار اقتصادي حيث أصبح شراء الطعام أمرا شبه مستحيل لكثير من العائلات.
الصمت الدولي والتطبيع والخذلان العربي
رغم تفاقم الازمة فإن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات حاسمة لوقف هذه الكارثة الانسانية فالدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة تواصل دعم الاحتلال سياسيا وعسكريا مما يمنحه الغطاء اللازم للاستمرار في سياساته القمعية ضد الفلسطينيين.
أما على المستوى العربي فقد أدى التطبيع مع الكيان الصهيوني الى تراجع الدعم السياسي للقضية الفلسطينية حيث باتت بعض الحكومات العربية تتجنب انتقاد الاحتلال او اتخاذ مواقف حازمة ضد جرائمه في غزة، ووفقا لتقرير حديث فان مؤشر التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني شهد ارتفاعا ملحوظا بين عامي 2020 و2023 حيث وقعت عدة دول اتفاقيات رسمية مع الاحتلال، فضلا عن التطبيع غير المعلن مع النظام السعودي.
الدور الامريكي في دعم الحصار
الولايات المتحدة لعبت دورا رئيسيا في تمويل وتسليح “إسرائيل” حيث قدمت مساعدات عسكرية ضخمة لدعم العمليات العسكرية ضد غزة وفقا للإحصائيات بلغ اجمالي المساعدات الامريكية المقدمة للكيان منذ عام 1946 أكثر من مئتين وستين مليار دولار منها مئة واربعة عشر مليارا واربعمائة مليون دولار مخصصة للدعم العسكري وحده.
اضافة إلى ذلك فان الإدارة الامريكية لم تمارس أي ضغط حقيقي على “إسرائيل” لرفع الحصار أو السماح بوصول المساعدات الإنسانية مما جعلها شريكا مباشرا في تفاقم الازمة.
الامم المتحدة وعجزها عن اتخاذ موقف حاسم
رغم التقارير المتكررة التي تؤكد الوضع الكارثي في غزة فإن الامم المتحدة لم تتمكن من فرض أي إجراءات فعالة لإنهاء الحصار او إجبار الكيان الصهيوني على السماح بدخول المساعدات، على الرغم من أن مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية وصف غزة بأنها أكثر الاماكن جوعا على وجه الارض محذرا من أن الوقت ينفد بسرعة كبيرة وأن الأرواح تزهق كل ساعة.
إن ما يعيشه الشعب الفلسطيني في غزة اليوم ليس مجرد أزمة إنسانية عابرة بل هو جريمة منظمة تستهدف وجوده واستمراريته، فالجوع في غزة لم يكن نتيجة كارثة طبيعية أو نقص عالمي في الموارد بل هو أداة حرب ممنهجة يستخدمها الاحتلال الصهيوني لإضعاف المقاومة وكسر إرادة الفلسطينيين في محاولة بائسة لفرض واقع جديد يجبرهم على الرضوخ والاستسلام.
بينما تتصاعد معاناة الفلسطينيين فإن الرد على هذه السياسة الإجرامية لا يمكن أن يكون بالاستنكار فقط أو بإصدار بيانات الشجب بل لا بد من تحرك فاعل ومؤثر يوقف آلة الحرب والتجويع، فالرد الحقيقي على الحصار هو الحصار بالمثل والضغط العسكري والاقتصادي لإجبار العدو على التراجع وهو ما بدأت صنعاء بتنفيذه عبر فرض حصار على موانئ ومطارات الكيان الصهيوني في خطوة تحمل رسالة واضحة لن تستمر إسرائيل في قتل الفلسطينيين جوعا دون رد حاسم.
هذا الواقع يفرض على كافة القوى الحية في الأمة مسؤولية كبرى فإما أن تتحرك لكسر هذا الحصار وإنقاذ الأبرياء وإما أن تكون شريكة في هذه الجريمة بصمتها وتخاذلها، ففلسطين ليست قضية سياسية تناقش في المؤتمرات بل هي معركة وجود ومعركتها اليوم ليست فقط بالسلاح بل أيضا بالصمود والمواجهة الاقتصادية والعسكرية.