ضربات جوية محدودة وجدوى مشكوك فيها.. الإعلام العبري يقرّ بعجز “إسرائيل” أمام صواريخ اليمن
فلسطين المحتلة – المساء برس|
رغم تكرار الضربات الجوية الإسرائيلية على أهداف مدنية داخل الأراضي اليمنية، والتي كان آخرها غارة على مطار صنعاء الدولي أمس الأربعاء، يقر الإعلام العبري وخبراء عسكريون بصعوبة تحقيق نتائج حاسمة في مواجهة تصاعد هجمات “الحوثيين”، الذين يواصلون قصف العمق “الإسرائيلي” بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، في إطار معركة إسناد المقاومة الفلسطينية في غزة.
ونقل موقع وكالة الأنباء اليهودية “JNS” تصريحات خبير الطيران والمحلل العسكري يعقوب لابين، الذي أشار إلى أن الضربات الجوية، وعلى أهميتها، لم توقف التهديدات الحوثية، بل أثارت نقاشًا واسعًا في أروقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول حدود القدرة الجوية في التعامل مع “عدو بعيد، مدعوم من إيران، ويتقن التمويه وتعدد الجبهات”.
وأفاد جيش الاحتلال في بيان أن الغارة الأخيرة على مطار صنعاء استهدفت “طائرات استخدمها من أسماهم بـ”الحوثيين” لنقل عناصر متورطة في هجمات ضد إسرائيل”. وهي ذات التبريرات التي ساقها الاحتلال عندما قصف ميناءي الحديدة والصليف الأسبوع الماضي، متهمًا “الحوثيين” باستخدام البنى التحتية المدنية لأغراض عسكرية.
لكن التقارير الإسرائيلية تعكس واقعًا مغايرًا، حيث أكد خبراء عسكريون أن هذه الضربات لم تحقق اختراقًا نوعيًا. فقد اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية، صباح الثلاثاء، وفق الإعلام العبري، صاروخين جديدين أُطلقا من اليمن، ليرتفع عدد الهجمات الحوثية منذ منتصف مارس إلى أربعين هجومًا موثّقًا.
ويعترف أحد المراقبين الغربيين الذين تحدثوا لـ”JNS”، بأن “إسرائيل”، رغم ما تملكه من طائرات حديثة وصواريخ موجهة، تواجه ذات القيود التي واجهتها الولايات المتحدة سابقًا في التعامل مع الحوثيين، وقال: “من دون وسيلة هجومية سريعة كالطائرات المسيّرة المسلحة التي تصادف وجودها فوق الهدف، فإن التعامل مع الأهداف الحساسة زمنيًا يصبح صعبًا”.
ورغم كل ذلك، لا تزال “إسرائيل” تعتمد كليًا على القوة الجوية في تعاملها مع اليمن. وأكد المراقبون للموقع أن هذا الخيار بات “مكلفًا، معقدًا، ومحدود الجدوى”، خاصة في ضوء التحديات اللوجستية، مثل الحاجة لطائرات ذات محركين للتعامل مع الأهداف البعيدة، وانخفاض قدرات التزود بالوقود الجوي.
وفي السياق نفسه، دعا الخبراء الإسرائيليون، ومنهم الخبير في الدفاع الصاروخي عوزي روبين، إلى ضرورة مراجعة الاستراتيجية العسكرية. وقال روبين: “منذ اختراع الصواريخ في الحرب العالمية الثانية، لم تحقق جهود القمع الهجومي نتائج حاسمة. الحوثيون، مثلما فعلوا مع السعودية لسبع سنوات، يواصلون الضرب دون أن تتأثر قدراتهم بشكل ملموس”.
وبينما يرى بعض المحللين أن استخدام سلاح البحرية قد يقدم حلولًا إضافية – من خلال فرض حصار أو مصادرة شحنات أسلحة – إلا أن البحرية الإسرائيلية “لم تظهر وجودًا علنيًا في البحر الأحمر”، رغم سوابقها في تلك المنطقة، حسب الموقع.
وبحسب مراقبين، فإن اعتراف الإعلام العبري بعجز “إسرائيل” أمام هجمات الحوثيين يكشف حدود القوة العسكرية للاحتلال، ويؤكد تحوّل اليمن إلى لاعب إقليمي قادر على التأثير في معادلات الصراع، كما أن فشل الغارات الجوية المتكررة، وتخبط القيادات العسكرية في مواجهة تهديد صاروخي مستمر، يفضح هشاشة منظومة الردع الإسرائيلية، رغم تفوقها التقني، موضحين أن هذا العجز لا يظهر فقط ضعف الاحتلال في التعامل مع عدو بعيد وغير تقليدي، بل يعكس أيضًا تآكل هيبته الإقليمية أمام استمرار ثبات اليمن على موقفه في نصرة غزة، إذ يقاتل الأخير بنَفَس طويل وتكتيك ذكي، ويرسّخ معادلة جديدة في الردع من قلب صنعاء.