الحرب الجوية الأمريكية في اليمن.. تفكك الهيمنة وتغير ميزان القوة في البحر الأحمر
صنعاء – المساء برس|
في تقرير تحليلي نشره الكاتب البريطاني مالكوم كيويني عبر منصة “UnHerd” اليوم الاثنين، وصف فيه الصراع العسكري بين الولايات المتحدة وحركة أنصار الله في اليمن بأنه لحظة إذلال عسكري غير مسبوقة للقوة الأمريكية، كشف فيه كيف أن الصمود اليمني فضح ما وصفه بـ”تآكل القدرة العسكرية الأمريكية” وفشل استراتيجيتها الحربية المعتمدة على التفوق الجوي والضربات عن بعد.
يؤكد التقرير أن الحوثيين، بردهم العسكري الفعّال على العدوان الأمريكي وتحديهم العلني للحصار على البحر الأحمر، فرضوا واقعًا جديدًا قلب موازين القوة، فبدلاً من أن تردعهم ثلاث عمليات عسكرية أمريكية متتالية (حارس الازدهار، بوسيدون آرتشر، ورافر رايدر)، واصل الحوثيون عملياتهم، مما أدى إلى رضوخ أمريكي فعلي لوقف إطلاق النار دون أي تنازل جوهري من الجانب اليمني – وهو ما وصفه كيويني بأنه “استسلام أمريكي تحت غطاء دبلوماسي”.
ورأى كيويني أن الإخفاق الأمريكي في ردع الحوثيين ليس محض نتيجة قرار سياسي ضعيف، بل هو نتيجة مباشرة لانهيار قدرات الجيش الأمريكي نفسه. فخلال عملية “رافر رايدر”، استخدمت الولايات المتحدة أكثر أسلحتها تطورًا وتكلفة، بما في ذلك قاذفات الشبح B-2 التي لم تعد تنتج منذ عقود، وحاملات الطائرات التي تبين أن نصفها تقريبًا غير صالح للاستخدام الفوري.
ورغم هذا الإنفاق الهائل والاعتماد على تكنولوجيا حربية متقدمة، لم تستطع أمريكا تحقيق أي من أهدافها. ويشير التقرير إلى أن ضعف المخزون الأمريكي من الذخائر الذكية، مثل صواريخ JASSM باهظة الثمن، وعدم قدرة الجيش الأمريكي على تعويض خسائره في الطائرات والطيارين، يعكس أزمة عميقة في ما يسمى “توليد القوة” – أي القدرة على الاستمرار في الحرب، لا فقط البدء بها.
وفقًا للتقرير، كانت النتيجة النهائية أن أمريكا اضطرت للانسحاب وقبول وقف إطلاق نار توسطت فيه سلطنة عمان، دون أن يحصل الجانب الأمريكي على ضمانات تمنع الحوثيين من مواصلة عملياتهم ضد أهداف إسرائيلية أو استمرار الحصار في البحر الأحمر. يقول كيويني: “الجهة الوحيدة التي رفعت الراية البيضاء كانت أمريكا، لا الحوثيون.”
يعد هذا الواقع الجديد، بحسب التقرير، مؤشرًا على فقدان واشنطن القدرة على فرض إرادتها في مناطق كانت تعد سابقًا مجالًا حيويًا لنفوذها، ويعزز ما وصفه كيويني بـ”النهاية التدريجية ثم المفاجئة” للهيمنة العسكرية الأمريكية، مشيرًا إلى أن الحرب الجوية، التي اعتمدت عليها أمريكا لعقود، لم تعد مجدية في مواجهة قوى أصغر ولكن أكثر مرونة وصلابة مثل جماعة أنصار الله.
وأشار كيويني إلى أن إخفاق أمريكا في اليمن يجب أن يقرأ كتحذير شديد لأي خطط أمريكية لتوسيع المواجهة نحو إيران. فإيران، وفق التقرير، تمتلك شبكة دفاع جوي أكثر تطورًا، ومسافات جغرافية أكبر، ومراكز حيوية محمية بعمق في الجبال. فإذا كانت أمريكا قد فشلت ضد الحوثيين في اليمن، فكيف لها أن تواجه إيران؟