مايكروسوفت.. ذراع رقمية للاحتلال لارتكاب الإبادة الجماعية
غزة – المساء برس|
كشف موقع “ذا غراي زون” الأميركي عن دور شركة “مايكروسوفت” في دعم الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المستمر على قطاع غزة، عبر ما وصفه بـ”علاقات تكنولوجية واستخباراتية عميقة”، لا يمكن فصلها عن الآلة الحربية الإسرائيلية وممارساتها ضد الشعب الفلسطيني.
وأشار الموقع، في تقرير مطوّل نشر بعنوان “كيف أصبحت مايكروسوفت مركزاً للاستخبارات الإسرائيلية”، إلى أن ادّعاء الشركة بأنها لم تساهم في “استهداف الفلسطينيين أو إيذائهم”، رغم تقديمها خدمات واسعة في الذكاء الاصطناعي والتخزين السحابي للاحتلال خلال الحرب، هو “ادعاء زائف لا يجب أخذه على محمل الجدّ”.
وقارن “ذا غراي زون” تورّط مايكروسوفت في دعم الاحتلال باستخدام التكنولوجيا، بالدور الذي لعبته شركة IBM في تسهيل جرائم النازية، مشيراً إلى أن “الإبادة الجماعية التي تمارس بحق الفلسطينيين لم تكن لترتكب لولا هذا الدعم التقني الغربي الممنهج”.
وأبرز التقرير تورّط الشركة في تعطيل البريد الإلكتروني للمدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، في لحظة حرجة من عمل المحكمة على تنفيذ مذكرة توقيف ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وعدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، الأمر الذي اعتُبر “عرقلة مباشرة للعدالة الدولية”.
وبحسب التقرير، توظّف “مايكروسوفت” أكثر من 1000 جندي وضابط مخابرات إسرائيلي سابق، منتشرين في مكاتب الشركة داخل الأراضي المحتلة، وفي مقراتها الرئيسة بالولايات المتحدة، بما في ذلك ريدموند وسياتل وميامي وبوسطن ونيويورك.
وأوضح التقرير أن أكثر من 300 عنصر استخباراتي إسرائيلي سابق يعملون حاليًا في الشركة، ويشغلون مناصب رفيعة في قطاعات استراتيجية، من ضمنها منصات الأمن السحابي، تحليل البيانات، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويكشف “ذا غراي زون” عن استحواذ مايكروسوفت منذ عام 2000 على 17 شركة تقنية إسرائيلية، أسسها ضباط سابقون في وحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وهو ما يجسّد بحسب التقرير “خط أنابيب تكنولوجي” مستمر يربط مباشرة بين جيش الاحتلال وقطاع التكنولوجيا الأميركي.
وتُدر هذه الاستحواذات مليارات الدولارات لإسرائيل كعوائد ضريبية، مما يعزز اعتماد اقتصاد الاحتلال على دعم شركات التكنولوجيا الأميركية، ويحوّلها إلى شريك ضمني في نظام الفصل العنصري، وفق ما ورد في المقال.
ووفق مراقبين، فإن هذه المعطيات ليست محظ علاقات تجارية وحسب، بل تمثّل امتدادًا لهيمنة الاحتلال في الفضاء الرقمي، حيث يتحوّل الذكاء الاصطناعي والتخزين السحابي إلى أدوات مراقبة، وتعقّب، وتصفية، بحق الفلسطينيين، بدلاً من أن تكون أدوات لتحسين حياة البشر.
ويعكس هذا التحقيق خطورة ازدواجية المعايير الغربية، حيث تمنح “إسرائيل” أدوات القتل الذكية، بينما تحرَم فلسطين من أدوات العدالة البسيطة. وعليه، فإن ممارسات شركات كبرى مثل “مايكروسوفت” لم تعد “حيادية” أو “مهنية”، بل تستخدم في ترسيخ واقع استعماري إلكتروني، يدعم الاحتلال ويعيق المحاسبة.
ومع استمرار العدوان على غزة وتصاعد الضغوط الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب، تكشف مثل هذه التقارير أن الاحتلال لا يمارس جرائمه وحده، بل بسندٍ رقمي عابر للقارات، تدعمه كبرى شركات التكنولوجيا التي تقف اليوم أمام اختبار أخلاقي صارخ أمام الإنسانية.