عدوى الابتعاد عن طائرات “إم كيو ٩ رايبر” وإلغاء شراءها تصل إلى بريطانيا
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
باتت طائرات MQ-9 Reaper الأمريكية، التي طالما اعتُبرت رمزًا للحرب الجوية الحديثة، تواجه نهاية وشيكة في ظل تصاعد الخسائر التي تكبدتها في ساحات القتال المختلفة، لا سيما فوق اليمن وأوكرانيا، بحسب تقرير نشره موقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي، رصده وترجمه “المساء برس”.
تآكل هيبة “الريبر” في ساحات القتال الحديثة
في السابق، كانت طائرة “ريبر” مرعبة في سماء الشرق الأوسط خلال “الحرب على الإرهاب”، إذ كانت قادرة على التحليق لـ24 ساعة متواصلة، ومجهزة بصواريخ دقيقة. لكن في السنوات الأخيرة، تغيّرت طبيعة المعركة الجوية، وأصبحت الدفاعات الجوية، حتى القديمة منها، قادرة على إسقاط هذه الطائرات المتقدمة.
ويزعم التقرير الأمريكي بأن القوات اليمنية أسقطت من هذه الطائرات منذ أكتوبر ٢٠٢٣م ما لا يقل عن ١٥ طائرة، سبعٌ منها خلال شهري مارس وأبريل 2025 فقط، ما أدى إلى خسائر تقدر بـ500 مليون دولار، رغم أن الدفاعات الجوية اليمنية تعتمد في الغالب على منظومات سوفييتية قديمة مثل SA-2 وSA-6.
لكن في الحقيقة أن عدد الطائرات التي أسقطها اليمن من هذا النوع خلال نفس الفترة ٢٢ طائرة وليست ١٥ طائرة، أما بخصوص اعتماد صنعاء على منظومات دفاعية سوفييتية قديمة فهذا الادعاء ليس دقيقاً إذ أن المنظومات الدفاعية اليمنية هي منظومات محلية الصنع يمنية وليست سوفييتية ولكنها من المرجح أن تكون مستوحاة في بعض تفاصيل عملها ومبادئ الاعتراض من المنظومات السوفييتية، ثم إن منظومات الاعتراض اليمنية لا تزال سرية ولم يكشف عنها بشكل رسمي سوى أسماء بعضها وتفاصيل شحيحة جداً عنها، وهذا ما يخص المنظومات السابقة التي مضى على الكشف عنها نحو ٣ سنوات أما المنظومات الجديدة التي استطاعت تهديد المقاتلات الأمريكية من طراز إف ٣٥ والقاذفات الشبحية بي٢، فلم يكشف عنها شيء حتى اللحظة.
مصير مشابه للطائرات المسيرة الأخرى
الوضع لم يكن مختلفًا في أوكرانيا، حيث دُمّرت طائرات “بيرقدار” التركية بسهولة بعد دخول الدفاعات الجوية الروسية على الخط. كما سقطت طائرات “هيرمس” الإسرائيلية فوق لبنان بصواريخ حزب الله، وأُخرجت طائرات “واتش كيبر” البريطانية من الخدمة بعد أقل من سبع سنوات بسبب أعطال متكررة وضعف فعاليتها.
مأزق تكنولوجي: تكلفة مرتفعة مقابل ضعف الصمود
التطورات الأخيرة أجبرت الجيوش الغربية، ومنها الجيش البريطاني، على إعادة التفكير في جدوى الطائرات المسيرة متوسطة الارتفاع مثل ريبر، في ظل تفوق طائرات FPV التجارية الرخيصة والمسلحة في الحرب الأوكرانية، والتي أثبتت أنها أكثر قدرة على المناورة والتكاثر، وأرخص ثمناً بكثير.
ويشير التقرير إلى أن الجيوش بدأت تقيّم فعالية الطائرات المسيرة انطلاقًا من مبدأ “القابلية للاستهلاك”، بحيث لا تتجاوز تكلفة الطائرة الواحدة 200 ألف دولار. وهو ما يُبعد ريبر وبيرقدار (5 – 30 مليون دولار) عن هذا التصنيف، ما يضع استخدامها المستقبلي في موضع شك كبير.
خيارات المستقبل: التخفي أو التلاشي
يبدو أن مستقبل الطائرات من نوع MALE يتجه إلى أحد خيارين: إما التخلي عنها لصالح أسراب طائرات أرخص وأصغر، أو استبدالها بطائرات أغلى وأكثر تطورًا مزودة بقدرات التخفي. ومع ذلك، يبقى ذلك صعب التحقيق بالنسبة لدول مثل بريطانيا ذات ميزانيات عسكرية محدودة، ما يدفعها للتفكير باستخدام تقنيات أخرى كالأقمار الصناعية، والمناطيد الثابتة، والبالونات العالية.
لماذا تخسر “ريبر” المعركة؟
خسائر الطائرات الأمريكية في اليمن وأوكرانيا تعكس تحوّلاً استراتيجياً في طبيعة الصراع، ويقول التقرير “أصبحت جماعات غير حكومية مثل الحوثيين قادرة على إضعاف التفوق التكنولوجي الأمريكي باستخدام وسائل تقليدية معدّلة. وقد كشفت معارك البحر الأحمر منذ نهاية 2023 عن عجز الطائرات الأمريكية عن أداء دورها التقليدي في “الاستطلاع المسلح”، بعد أن تحولت الأجواء إلى مسرح قتالي مفتوح أمام دفاعات تطوّرت في ظل الحصار والحرب”.
ورغم تفوقها في التحليق على ارتفاعات عالية، إلا أن طائرات ريبر غير مهيأة للتعامل مع صواريخ أرض-جو التقليدية، إذ تبلغ سرعتها حوالي 200 ميل/ساعة فقط، ما يجعلها هدفاً سهلاً حتى لصواريخ سوفييتية من ستينيات القرن الماضي.
بقدر ما كانت “ريبر” رمزًا للقوة الجوية الأمريكية في العقدين الماضيين، فإنها اليوم تقف عند مفترق طرق. فإما أن تُستبدل بطائرات أرخص وأسرع وأصغر، أو أن تتطور لتصبح أكثر خفاءً ومناعة، ما يزيد من كلفتها ويجعل خسارتها أكثر إيلاماً. لكن الأكيد أن الحرب الجوية لم تعد كما كانت، والسماء لم تعد صديقة “الحاصد”.