الاقتصاد الأميركي يتهاوى.. “موديز” تسحب التصنيف الأعلى للولايات المتحدة وسط تدهور داخلي

واشنطن – المساء برس|

في ضربة قاسية للاقتصاد الأميركي ولسياسات الرئيس دونالد ترامب، أعلنت وكالة التصنيف الائتماني العالمية “موديز” عن خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة من الدرجة الممتازة “Aaa” إلى “Aa1″، وهو ما يعد سابقة تاريخية تحدث لأول مرة منذ تأسيس الوكالة، ويكشف عن تدهور متسارع في استقرار واشنطن المالي والسياسي.

وبررت الوكالة قرارها بـ”تفاقم الدين العام الأميركي، واتساع العجز المالي، وارتفاع تكاليف خدمة الدين”، مشيرةً إلى أن الأداء المالي للولايات المتحدة بات يواجه “مخاطر جدية على المدى المتوسط”، رغم ما وصفته بـ”متانة الاقتصاد الأميركي الفريدة”.

هذا الانهيار يأتي في وقت تواصل فيه إدارة ترامب ضخ مئات المليارات لدعم الاحتلال الإسرائيلي عسكرياً وسياسياً، بينما يُنهك الاقتصاد الأميركي داخلياً، وتتعطل برامج الرعاية الصحية، ويُقترح خفض تمويلها بنحو 880 مليار دولار خلال عشر سنوات، ضمن خطة لم ينجح ترامب بتمريرها حتى داخل حزبه الجمهوري.

وردت إدارة ترامب بغضب على قرار “موديز”، حيث هاجم مدير الاتصال في البيت الأبيض ستيفن شونغ كبير خبراء الاقتصاد في “موديز أناليتيكس”، قائلاً: “لا أحد يأخذ تحليلاته على محمل الجد”، في محاولة لطمس الحقائق الاقتصادية العارية التي باتت تضرب مكانة واشنطن عالمياً.

وتأتي هذه الأزمة، وفق مراقبين، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأميركي من سياسات إنفاق عشوائي، وتوجيه عشرات المليارات لدعم الحروب الخارجية، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، في ظل صمت دولي أميركي الصنع تجاه الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين.

ويبدو أن الضريبة الأخلاقية والسياسية لهذا الانحياز المطلق بدأت تنعكس مالياً، حيث باتت وكالات التصنيف العالمية تسحب الثقة من قدرة واشنطن على إدارة توازنها المالي في ظل تصاعد الإنفاق الحربي، والاضطرابات السياسية، والتضخم المتزايد.

وفي مشهد يفاقم الأزمة، فشل ترامب في تمرير مشروع قانون اقتصادي واسع في الكونغرس يتضمن تمديد التخفيضات الضريبية وتقليص الميزانيات الاجتماعية. وعلى الرغم من الضغوط الشديدة التي مارسها عبر منصته “تروث سوشال”، صوّت خمسة نواب جمهوريين إلى جانب الديمقراطيين في لجنة الميزانية، ما يُظهر تصدعًا داخل القاعدة السياسية الداعمة له.

ورغم الإبقاء على النظرة المستقبلية “مستقرة”، إلا أن “موديز” شددت على ضرورة إجراء إصلاحات مالية عاجلة تشمل “زيادة الإيرادات أو تقليص الإنفاق”، وهي وصفة يرى محللون أنها لن تنجح ما دامت الأموال تُنفق على الحروب الخارجية بدلاً من الداخل الأميركي المتصدع.

يُشار إلى أن “موديز” كانت آخر وكالات التصنيف الكبرى التي تبقي على التصنيف الائتماني الممتاز للولايات المتحدة، بعد أن سحبته “ستاندرد آند بورز” عام 2011 و”فيتش” عام 2023. ومع هذا القرار، تغلق صفحة الهيمنة المالية المطلقة التي طالما تباهت بها واشنطن، وتفتح صفحة جديدة من الانحدار الاقتصادي الذي يتغذى على سياسات خارجية كارثية.

قد يعجبك ايضا