نيويورك تايمز: رغم الحملة الجوية المكلفة.. اليمنيون يُفشِلون رهان ترامب على إخضاعهم
صنعاء – المساء برس|
في تقرير استقصائي مطوّل نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الاثنين، كشفت الصحيفة الأمريكية البارزة أن الرئيس دونالد ترامب أعلن فجأة وقف الحملة العسكرية على جماعة الحوثي المسلحة في اليمن، بعد أن فشل في تحقيق نتائج حاسمة خلال 30 يومًا من القصف المكثف، رغم التكلفة الباهظة والجهود العسكرية الكبيرة.
بحسب التقرير، الذي أعده فريق من مراسلي الصحيفة بقيادة هيلين كوبر وجوناثان سوان وإريك شميت وماغي هابرمان، فإن ترامب كان قد وافق مطلع العام على حملة جوية عنيفة هدفها “إعادة فتح الملاحة” في البحر الأحمر عبر إخضاع الحوثيين، لكنه كان يتوقع حسمًا سريعًا خلال شهر. غير أن النتائج جاءت مخيبة، إذ لم تتمكن القوات الأمريكية من تحقيق تفوق جوي، بينما واصل الحوثيون إسقاط طائرات أمريكية مسيّرة، وقصفوا السفن الأمريكية وحتى حاملة طائرات.
وتشير الصحيفة إلى أن الحوثيين أسقطوا سبع طائرات من طراز MQ-9 Reaper (تكلفة الواحدة 30 مليون دولار)، وتمكنوا من إرباك عمليات البحرية الأمريكية. كما سقطت طائرتان من طراز F/A-18 Super Hornet في البحر، وبلغت تكلفة الذخائر المهدورة خلال الشهر الأول وحده نحو مليار دولار، بحسب مسؤولين عسكريين أمريكيين نقلت عنهم الصحيفة.
ترامب، الذي لطالما عبّر عن ضيقه من الانخراط العسكري الطويل في الشرق الأوسط، وجد نفسه في مأزق استراتيجي، فاختار الخروج بإعلان “نصر”، وفق وصف الصحيفة، استنادًا إلى وعد غير مكتوب من الحوثيين بعدم مهاجمة السفن الأمريكية، دون وقف استهداف إسرائيل.
وقال ترامب في تصريحات نقلتها نيويورك تايمز: “ضربناهم بقوة، وكان لديهم قدرة فائقة على تحمّل العقاب… يمكن القول إن شجاعةً كبيرةً كانت لديهم”.
إلا أن الهجمات اليمنية لم تتوقف، إذ أطلقت الجماعة في 4 مايو صاروخًا باليستيًا على إسرائيل وصل حتى تخوم مطار بن غوريون، متجاوزًا الدفاعات الجوية، ما وضع إعلان ترامب موضع تساؤل.
وتوضح نيويورك تايمز أن المسؤولين في البنتاغون والبيت الأبيض كانوا يفتقرون إلى تصور موحد حول جدوى الاستمرار في الحملة، خاصة مع اعتراض رئيس هيئة الأركان الجديد، الجنرال دان كين، الذي حذر من استنزاف الموارد الأمريكية المخصصة لردع الصين في منطقة المحيط الهادئ.
على الجانب اليمني، رأت الصحيفة أن الحوثيين تمكّنوا من الصمود رغم أكثر من 1100 غارة جوية طالت مخازن الأسلحة ومراكز القيادة ومواقع الدفاع الجوي، في حملة سميت “عملية الفارس الخشن”. وقدّر البنتاغون خسائر الجماعة بمقتل العشرات من القادة وتدمير بنية تحتية واسعة، لكن فعالية الجماعة لم تتأثر جذريًا.
المثير، بحسب التقرير، أن ترامب تجاهل تقارير الاستخبارات التي أكدت قدرة الحوثيين على إعادة بناء قدراتهم سريعًا، وقرّر إنهاء العمليات في 5 مايو. وفي اليوم التالي، بدأ أنصار الجماعة اليمنية في تداول وسم “اليمن يهزم أمريكا” على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينما أخفقت الحملة الأمريكية في كبح جماح اليمنيين أو ضمان أمن الملاحة البحرية كما كان مأمولًا، أشار التقرير إلى أن ترامب اختار “الانسحاب التكتيكي” للحفاظ على صورته السياسية قبيل انتخابات مرتقبة، على حساب تحقيق نتائج عسكرية حقيقية.
وبذلك، وفق تحليل نيويورك تايمز، خرج اليمن منتصرًا استراتيجيًا، بإجبار قوة عظمى على إنهاء تدخلها دون تحقيق أهدافها، وهو انتصار رمزي وميداني في آن، يعكس مدى تعقيد النزاع في اليمن وصعوبة كسره بالقوة الجوية وحدها.