ترامب يدير ظهره لإسرائيل ويرتب أوراقه مع خصومها
واشنطن – المساء برس|
في تحول استراتيجي غير مسبوق، كشف تقرير نشرته وكالة بلومبرغ الأمريكية أعده الصحفي إيثان برونر، أمس الاثنين، عن بوادر قطيعة سياسية ودبلوماسية بين رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعدما كان ينظر إلى الأخير بوصفه الحليف الأقرب لإسرائيل، خاصة في فترته الرئاسية الأولى.
عشية جولة ترامب في الشرق الأوسط التي شملت السعودية وقطر والإمارات دون المرور بـ”القدس”، أقدمت حركة حماس على إطلاق سراح الرهينة الأمريكي الوحيد المتبقي في غزة، إيدان ألكسندر، كـ”لفتة تقدير” للرئيس الأمريكي، في خطوة تجاهلت “إسرائيل”، بل عارضتها سابقًا، بحسب ما ذكره التقرير.
وفي ما يمكن اعتباره تصعيدًا أكبر ضد حليفها التقليدي، بدأت إدارة ترامب مفاوضات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، وأبرمت اتفاقًا مع حركة أنصار الله في اليمن، ينص على وقف الضربات الأمريكية مقابل تحييد السفن الأمريكية، دون اشتراط وقف الهجمات على “إسرائيل”. هذه الخطوات، إلى جانب فرض رسوم جمركية بنسبة 17% على السلع الإسرائيلية، أثارت استياء المؤسسة السياسية في “تل أبيب”، التي شعرت بالخيانة من أقرب حلفائها.
السفير الإسرائيلي الأسبق لدى واشنطن، مايكل أورِن، عبّر عن صدمته قائلاً: “كنا نظن أننا سنُعامَل بطريقة مختلفة، لكننا كنا مخطئين”.
تزايدت حالة القلق داخل اليمين الإسرائيلي، الذي كان يعوّل على عودة ترامب إلى البيت الأبيض لتحقيق أجندته التوسعية، بما في ذلك ضم الضفة الغربية. ولكن، بعد الإجراءات الأمريكية الأخيرة، من الواضح أن رهان نتنياهو قد خسر.
يقول الباحث إيتان غلبوع من جامعتي بار-إيلان ورايخمان: “نتنياهو وطاقمه ظنوا أنهم يتحدثون بلغة الترامبية، لكن المفردات تغيرت في البيت الأبيض” (بلومبرغ).
وفي ظل هذه المستجدات، يرى مراقبون أن نتنياهو يواجه تهديدًا حقيقيًا لوحدة ائتلافه الحكومي، فإن قبل بإملاءات واشنطن وأوقف العدوان على غزة، خسر دعم المتطرفين في حكومته، وإن رفض، فسيواجه انتفاضة داخلية واسعة النطاق، بحسب تحليل أورِن.
التحول الأمريكي لم يأتِ صدفة، بل يعكس إدراكًا متزايدًا لدى واشنطن لفشل السياسات الإسرائيلية في تحقيق الاستقرار الإقليمي الذي كان يريده ترامب للتفرغ للصين شرقًا. فصمود المقاومة الفلسطينية، وفعالية الضربات اليمنية الدقيقة التي طالت العمق الإسرائيلي – بما في ذلك مطار بن غوريون – كلها عوامل دفعت الولايات المتحدة لإعادة ترتيب أوراقها في المنطقة.