الجولاني يطرح “مارشال سوري”: دعوة لإعادة الإعمار وتوازن إقليمي بدعم غربي
سوريا – المساء برس|
في خطوة لافتة تحمل دلالات سياسية واقتصادية، أشار رئيس السلطة السورية الجديدة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا، إلى مشروع «مارشال» الشهير كنموذج لرؤيته في إعادة إعمار سوريا.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعرب الجولاني عن رغبته في تعزيز العلاقات مع الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، من خلال مشروع تنموي شامل يعيد بناء سوريا ويعيد ضبط التوازن الإقليمي عبر التنمية والاستثمار.
لم يكتفِ الجولاني بإطلاق الرؤية من باريس، بل أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأنه بعث برسائل إلى البيت الأبيض، عبر وسطاء، يعرض فيها تفاصيل خطته لإعادة الإعمار، وطلباً لعقد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارة الأخير المرتقبة إلى الشرق الأوسط. وأوضحت الصحيفة أن مشروع “مارشال السوري” طرح كبند محتمل على جدول المباحثات بين الطرفين، في حال تحقق اللقاء.
ما هو مشروع «مارشال» الأصلي؟
يشير مشروع “مارشال” إلى الخطة الاقتصادية الكبرى التي أطلقتها الولايات المتحدة عام 1947 لإعادة إعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. وقد بلغت قيمته آنذاك نحو 13 مليار دولار، واستُخدم لإعادة بناء البنى التحتية وتحفيز النمو الاقتصادي في دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا الغربية.
ورغم طابعه الاقتصادي، كان للمشروع أبعاد سياسية واضحة، أبرزها ترسيخ النفوذ الأميركي في أوروبا الغربية ومواجهة التمدد السوفيتي في فترة الحرب الباردة.
وبينما يسوّق الجولاني لمشروع مشابه في سوريا، يرى محللون أن تطبيقه لن يكون بنفس السلاسة التي عرفتها أوروبا في أربعينيات القرن الماضي. إذ تعتبر الأوضاع الأمنية في سوريا غير مستقرة بما يكفي لاستقطاب استثمارات خارجية ضخمة، في ظل استمرار التوترات العسكرية وتعدد القوى المتدخلة في الشأن السوري.
وبحسب خبراء اقتصاد فإن البيئة الاستثمارية في سوريا تعاني من غياب الرقابة المالية، وانعدام الشفافية في تقدير الخسائر، وهو ما يصعّب إقناع الشركات العالمية بالمشاركة في مشروع بهذا الحجم.
كما أكدوا أن المشروع، في حال قوبل بترحيب أميركي، سيصطدم بتعقيدات المصالح الإقليمية والدولية المتضاربة، ما يعني أن إطلاقه الفعلي لن يكون على المدى القريب.
ويرى مراقبون أن إحياء فكرة “مارشال” في السياق السوري يحمل أبعاداً تتجاوز الاقتصاد، إذ قد يشكّل المشروع أداة لتعزيز النفوذ الأميركي والغربي في الشرق الأوسط، تماماً كما فعل النموذج الأصلي في أوروبا، الأمر الذي قد يعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية في المنطقة إذا ما تم تنفيذه بدعم دولي واسع.
في الوقت الحالي، تبقى فكرة “مارشال السوري” طَموحاً سياسياً واقتصادياً، بانتظار مدى تجاوب العواصم الغربية، وفي مقدّمتها واشنطن، مع هذا الطرح في ظل واقع إقليمي معقد ومتغير باستمرار.