فورين بوليسي: الحوثيون صمدوا وانتصروا.. أمريكا تخرج من اليمن دون إنجاز يذكر
صنعاء – المساء برس|
كشفت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في تحليل شامل للباحثة أبريل لونجلي ألي نشر أمس الجمعة، أن الولايات المتحدة اختتمت حملتها العسكرية ضد حركة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن دون تحقيق أهدافها الاستراتيجية، معتبرة أن الحركة تمكنت من الصمود والتفوق على أمريكا في واحدة من أكثر المواجهات غير المتكافئة في العقد الأخير.
وذكرت المجلة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن، في 6 مايو، وقف الحملة الجوية التي استمرت لأسابيع ضد الحوثيين، والتي كلفت واشنطن أكثر من ملياري دولار، رغم أن موقف الحوثيين لم يتغير منذ البداية، حيث رفضوا وقف هجماتهم على “إسرائيل” أو على السفن المرتبطة بها، متمسكين بموقفهم الأصلي: لا استهداف للأمريكيين إذا توقفت واشنطن عن القصف
وقالت لونجلي إن القرار الأمريكي بالانسحاب كان مدفوعًا بعوامل متعددة، أبرزها الكلفة الباهظة للعملية، ومحدودية الإنجازات العسكرية، وغياب استراتيجية واضحة للخروج. وأشارت إلى أن العملية، المسماة “الراكب الخشن”، كانت أكبر تدخل عسكري لإدارة ترامب حتى الآن، وشملت أكثر من ألف غارة جوية، شاركت فيها حاملات طائرات وقاذفات شبح وطائرات مسيّرة، استهدفت منشآت وقادة حوثيين.
لكن رغم هذه القوة النارية، فإن الحوثيين لم يهزموا، بل استغلوا هذه المواجهة لتعزيز خطابهم السياسي، حيث وصفوا الاتفاق مع واشنطن بـ”الانتصار لليمن”، وواصلوا هجماتهم على إسرائيل، بما في ذلك ضربة صاروخية قرب “مطار بن غوريون في “تل أبيب.
وأكدت الكاتبة أن هذه التطورات “تعزز من مكانة الحوثيين على الساحة الإقليمية، وتضعف حلفاء واشنطن في اليمن”، الذين كانوا يأملون في أن تمهّد الضربات الأمريكية لشن هجوم بري بدعم دولي لاستعادة الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون. لكن وقف العمليات الأمريكية فجأة بدد هذه الآمال، وربما يفتح المجال أمام توسّع الحوثيين أو عودة تنظيم القاعدة في الجنوب.
وبحسب فورين بوليسي، فقد راهن الحوثيون منذ البداية على صمودهم الاستراتيجي، وهم الآن يستثمرون “الانسحاب الأمريكي المفاجئ” لتعزيز وضعهم داخليًا وخارجيًا، بل وقد يفرضون ضرائب أو رسوم عبور على السفن في البحر الأحمر، بعد أن أثبتوا قدرتهم على تهديد خطوط الملاحة الدولية.
وأوضحت الكاتبة أن الحوثيين نجحوا في التكيّف مع العقوبات وتصنيفهم كمنظمة إرهابية، وطوّروا شبكة إمداد متنوعة تتجاوز إيران، تمتد إلى القرن الأفريقي، بل ولديهم علاقات مع روسيا والصين، مما يمنحهم قدرًا أكبر من الاستقلالية والقوة.
وفي ختام تحليلها، حذّرت لونجلي من أن الولايات المتحدة فشلت في تحويل ضغوطها العسكرية إلى مكاسب استراتيجية، وأن “وقف إطلاق النار مع الحوثيين قد يشجعهم على المزيد من الجرأة”، ما لم تبادر واشنطن بالتنسيق مع حلفائها الإقليميين، وخاصة السعودية، لدعم حل سياسي واقعي ومتوازن يضمن تقاسم السلطة ويضع قيودًا حقيقية على تسليح الحوثيين.
يذكر أن هذا الاعتراف الأمريكي الضمني بقوة الحوثيين، كما ورد في فورين بوليسي، يعدّ شهادة دولية مهمة على النجاح اليمني في فرض معادلة جديدة من الردع والسيادة، بعد سنوات من المواجهة والحصار، ويشكّل نقطة تحول في مسار الحرب الإقليمية.