الاتفاق الأمريكي مع صنعاء يهز ثقة “إسرائيل” ويعزز موقع اليمن في المعادلة الإقليمية

صنعاء – المساء برس|

في تحليل نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية للصحفي الإسرائيلي عميحاي شتاين، اليوم الأربعاء، ظهر حجم الصدمة التي تعرضت لها القيادة الإسرائيلية عقب إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن توصله إلى اتفاق مع حركة أنصار الله دون تنسيق مسبق مع “إسرائيل”. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله لصحيفة واشنطن بوست: “لقد صُدمنا تمامًا. لم تكن إسرائيل على علم بالتصريح قبل أن يدلي ترامب به.”

جاء هذا التصريح بعد إعلان ترامب مساء الثلاثاء من المكتب البيضاوي عن اتفاق يقضي بوقف هجمات اليمن على السفن الأمريكية في البحر الأحمر، مقابل وقف الولايات المتحدة لضرباتها الجوية على اليمن. المفارقة أن هذا الإعلان أتى بعد ساعات فقط من قيام الجيش الأمريكي بتأمين غطاء جوي لعملية عسكرية إسرائيلية في اليمن، ما يجعل التوقيت بمثابة رسالة واضحة لـ”تل أبيب” بشأن تراجع أولوية التنسيق الأمني.

وفي تحليله، يشير شتاين إلى أن مبدأ “أمريكا أولاً” الذي يتبناه ترامب لعب دورًا رئيسيًا في صياغة هذا الاتفاق. إذ أن دافع واشنطن الأول لم يكن حماية “إسرائيل” أو التصدي للحوثيين، بل تأمين المصالح الأمريكية في البحر الأحمر التي تضررت بفعل الضربات اليمنية.

ويضيف التحليل أنه: “بمجرد استتباب الأمن البحري، اعتبر ترامب أن المسألة قد حُسمت، حتى لو عنى ذلك السماح لنظام إرهابي وحشي، أصبح الآن حرًا في إعادة تسليح نفسه.”

ويُعتبر استبعاد “إسرائيل” من التنسيق في هذه الصفقة بمثابة جرس إنذار، كما وصفه الكاتب، خاصة وأن واشنطن منخرطة أيضًا في مفاوضات نووية مع إيران. وهو ما يثير تساؤلات في “تل أبيب” حول مدى توافق المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المرحلة المقبلة، وخصوصًا إذا قررت إدارة ترامب، أو أي إدارة مستقبلية، إبرام اتفاقات مماثلة دون الرجوع إلى الحلفاء.

المبعوث الإسرائيلي رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية وأحد أقرب المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من المقرر أن يتوجه إلى واشنطن في محاولة لفهم أبعاد الموقف، وسط غياب لافت “لإسرائيل” عن الجولة الإقليمية التي سيجريها ترامب قريبًا لتوقيع صفقات كبرى، وهو غياب وصفته الصحيفة بأنه دليل على تراجع الأولوية الإسرائيلية” في حسابات البيت الأبيض”.

ومع أن نتنياهو يصر، وفقًا لشتاين، على أن التنسيق مع واشنطن لا يزال قائمًا من خلال قنوات متعددة مثل المبعوث ستيف ويتكوف وديرمر، إلا أن تجاهل “إسرائيل” في هذا القرار المصيري دفع المعلقين “الإسرائيليين” إلى “الشك في ما إذا كانت هذه هي المرة الأولى أو الوحيدة التي تخفي فيها إدارة ترامب معلومات مماثلة عن “تل أبيب.

ووفقًا لمراقبين، يعكس هذا التحول اعترافًا ضمنيًا بقدرة اليمنيين على فرض شروطهم بقوة الأمر الواقع، وتقديمهم كطرف يجب التفاوض معه وليس تجاهله، مما يعزز من موقع اليمن السياسي والإقليمي، ويكشف عن مرحلة جديدة في توازنات القوى في الشرق الأوسط، لم تعد فيها الهيمنة “الإسرائيلية” والغربية أمرًا مسلمًا به.

 

قد يعجبك ايضا