الهجوم اليمني على مطار بن غوريون منعطف استراتيجي في المواجهة الإقليمية
المساء برس- تقرير.. هاشم الدرة|
في خطوة مفاجئة تحمل تداعيات إقليمية ودولية عميقة، نفذت القوات المسلحة اليمنية ضربة بالستية دقيقة استهدفت مطار بن غوريون في قلب الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أول هجوم مباشر من نوعه يأتي في سياق التصعيد العسكري دعما لغزة.
هذه العملية لم تكن مجرد رد تكتيكي، بل تعكس تحولا استراتيجيا في ميزان القوة، لتفتح مرحلة جديدة من المواجهة متعددة الجبهات ضد الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه.
“إسرائيل” في موقف دفاعي غير مسبوق
على مدار العقود الماضية، اعتادت إسرائيل على الهيمنة العسكرية وفرض قواعد الاشتباك التي تخدم مصالحها الأمنية، لكن استهداف مطار بن غوريون جاء ليكسر هذه المنظومة، ويؤكد أن الاحتلال أصبح مكشوفا أمام ضربات محور المقاومة.
فشل منظومات الدفاع الجوي، مثل “حيتس وثاد” في اعتراض الصاروخ اليمني أثار تساؤلات جدية داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حول جدوى تلك المنظومات، خاصة بعد فشلها سابقا في اعتراض الهجمات القادمة من غزة ولبنان.
لأول مرة يجد الاحتلال نفسه أمام تهديد مباشر من اليمن بعد أن كانت المعارك مقتصرة على البحر الأحمر ومع هذه العملية وجدت تل أبيب نفسها أمام تحديات غير مسبوقة، حيث اضطرت لإغلاق المجال الجوي جزئيا، ورفع حالة التأهب في المطارات المدنية والعسكرية، مما يشكل ضربة اقتصادية وسياسية كبيرة.
صنعاء.. من الدفاع إلى الهجوم الاستراتيجي
لم يكن استهداف مطار بن غوريون مجرد رد فعل على العدوان الإسرائيلي في غزة، بل يأتي ضمن نهج تصاعدي جديد تبنّته صنعاء في التعامل مع الاحتلال، فمنذ بدء العدوان، فرضت القوات اليمنية حصارا بحريا على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر مما أربك حركة التجارة وأثر على الاقتصاد الإسرائيلي، ومع استمرار العمليات، انتقلت الهجمات من البحر إلى الجو، ليؤكد اليمن أنه طرف فاعل في المعادلة العسكرية بالمنطقة.
أسباب التحول اليمني نحو ضربات مباشرة داخل “إسرائيل”
بداية كانت صنعاء تهدف إلى التصدي للجرائم الصهيونية بحق سكان قطاع غزة وردع العدوان الصهيوني عن ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين، غير أن تصاعد رتم الفعل الإجرامي الصهيوني ورد الفعل اليمني، رفع سقف صنعاء من ردع جرائم العدو الصهيوني إلى معاقبته، والتأكيد على أن أي تصعيد إسرائيلي سيكون له تبعات استراتيجية على تل أبيب التي كانت دائما بمنأى عن أي تبعات بعد كل حملة تصعيد وجريمة ترتكبها في فلسطين.
ومن أهم أسباب هذا التحول هو التأكيد على تعزيز استراتيجية الردع الهجومي اليمني وكسر التفوق الجوي الإسرائيلي، وكسر سراب الهيبة والتفوق الصهيوني الزائف الذي يحرص الكيان الصهيوني على الحفاظ عليه، كما أن هذا التحول يفرض قواعد اشتباك جديدة بأن ترى “إسرائيل” نفسها مرغمة على مواجهة تهديدات عابرة للحدود.
واشنطن في موقف المرتبك.. كيف تغيرت حسابات أمريكا؟
لم يكن التأثير مقتصرا على إسرائيل فقط، بل وضعت الضربة اليمنية الولايات المتحدة في موقف حرج خاصة أنها الطرف الذي قدم المنظومات الدفاعية الفاشلة لإسرائيل حيث أن فشل الأنظمة الأمريكية في اعتراض الصاروخ اليمني كشف ثغرات خطيرة في قدرات الدفاع الجوي الأمريكية مما يعزز المخاوف من امتداد الفشل إلى مناطق أخرى مثل الخليج وأوروبا.
تداعيات الضربة على الموقف الأمريكي
هزت هذه العملية صورة واشنطن كحليف استراتيجي لإسرائيل، خاصة بعد تعالي الأصوات داخل الكونغرس حول جدوى الدعم العسكري المستمر لتل أبيب، ما سيؤدي أيضا لإعادة تقييم الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، حيث أصبحت الضربات اليمنية تهديدا بإمكانه تغيير موازين القوى.
وإجمالا فإن استهداف مطار بن غوريون ليس مجرد حدث عابر، بل يؤكد أن الصراع الإقليمي دخل مرحلة جديدة حيث لم تعد إسرائيل قادرة على التحكم في قواعد الاشتباك كما كانت سابقًا، فالعمليات اليمنية، جعل الاحتلال محاصرا بحريا وجويا، مما يضعه أمام تحديات لم يشهدها منذ عقود.
هذا التحول يحمل دلالات استراتيجية كبرى حيث أصبح اليمن لاعبا رئيسيا في الصراع، قادرا على فرض معادلات جديدة، ليس فقط في المواجهة العسكرية، بل أيضا في الحسابات السياسية الإقليمية والدولية فالأيام القادمة ستكون حاسمة في رسم ملامح المرحلة المقبلة.