استهداف اليمن لمطار بن غوريون كشف تحولًا استراتيجيًا لليمن في معادلة الصراع الإقليمية
صنعاء – المساء برس|
في تطور غير مسبوق يعيد رسم موازين القوى في المنطقة، سقط صاروخ باليستي أطلقته القوات المسلحة اليمنية في مطار بن غوريون في يافا المحتلة “تل أبيب”، ما أدى إلى إصابة ستة أشخاص، وتعطيل حركة الملاحة الجوية في واحد من أكثر مطارات الاحتلال الإسرائيلي ازدحامًا.
يعد هذا الهجوم، الذي وقع صباح الأحد 4 مايو 2025، بمثابة تحول نوعي واستراتيجي في قدرات الردع التي باتت تمتلكها صنعاء، وسط عجز تام لأنظمة الدفاع الإسرائيلية، رغم ما تحظى به من دعم تقني وعسكري أمريكي واسع. سقوط الصاروخ على مقربة من أحد أهم الشرايين الجوية في “إسرائيل”، أثار موجة من الذعر وطرح تساؤلات جدية حول قدرة المنظومات الدفاعية على حماية الجبهة الداخلية، وخاصة في ظل استمرار التهديدات القادمة من أطراف جغرافية بعيدة كاليمن.
وأكدت تقارير إسرائيلية أن هذا الهجوم هو الخامس خلال نهاية الأسبوع ذاته، ما يشير إلى تكتيك ضغط متصاعد تنتهجه القوات اليمنية. ورغم استئناف الحركة في المطار خلال نصف ساعة، إلا أن عددًا من الرحلات أُلغيت أو عادت أدراجها، مما ألحق أضرارًا اقتصادية وسياسية واضحة بتل أبيب.
الحدث فرض نفسه على أجندة الكيان الإسرائيلي، حيث دعا رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو إلى اجتماع طارئ مع كبار القادة الأمنيين، واعتبر الهجوم الأخطر من اليمن منذ بداية عمليات الاستهداف التي انطلقت في أكتوبر 2023 تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، على خلفية الحرب الدامية في قطاع غزة.
ومن جهة أخرى، لم تفلح الضربات الأمريكية المتكررة على اليمن في تقويض قدرات صنعاء الصاروخية أو طائراتها المسيّرة، في ظل ما يوصف بصمود استراتيجي يمني، يعكس تفوقًا لافتًا في ظل حصار وعدوان مستمر منذ سنوات.
ويؤكد مراقبون في “تل أبيب”، من بينهم الباحث داني سيترينوفيتش، الذي صرح لموقع “ميديا لاين” الأميركي، أن إسرائيل تواجه خصمًا جديدًا لا ينتمي إلى نمط الحروب التقليدية، وقال: “الحوثيون خصم بعيد جغرافيًا، ولكنهم يمتلكون إرادة صلبة ودوافع أيديولوجية راسخة، وهذا ما يجعل مواجهتهم صعبة ومفتوحة الأمد”.
أما الباحثة في الشأن اليمني، إنبال نسيم لوفتون، في حديثها مع “ميديا لاين” الأمريكي، فترى أن استهداف إسرائيل يخدم استراتيجية يمنية متقدمة تهدف إلى تعزيز المكانة الإقليمية للقوات اليمنية، وتكريس شرعيتها داخليًا في ظل تفاعل شعبي واسع مع القضية الفلسطينية.
ردود الفعل الإسرائيلية جاءت غاضبة، حيث طالب وزير الدفاع السابق بيني غانتس باستهداف إيران مباشرة، متهمًا إياها بأنها الفاعل الحقيقي خلف الهجمات، فيما توعد وزير الدفاع الأمريكي إيران بدفع الثمن في “الزمان والمكان المناسبين”.
ورغم كل هذه التهديدات، يؤكد مراقبون أن اليمن بات لاعبًا إقليميًا فاعلًا لا يمكن تجاهله، إذ فشل التحالف العسكري الغربي – بقيادة الولايات المتحدة – في ردع هجماته، مما يشير إلى معادلة جديدة في الصراع الإقليمي، يكون فيها اليمن حاضراً لا كضحية كما جرت العادة، بل كصانع للتوازن وقادر على فرض كلمته.